الأطباء ، بصورة عامة، والاختصاصيين منهم بشكل خاص ، وأصحاب الاختصاص الدقيق بالاخص ما هم إلا في خانة الثروة النادرة عند الأمم المتحضرة ، لأنهم بذلوا جهودا استثنائية جدا للوصول إلى هذه الدرجات العلمية ، ففي زيارة لي للمملكة المتحدة عام 1983حيث كنت بصحبة صهري وهو طبيب اختصاص في الأمراض الجلدية وكنت اعاني من مرض في إحدى عيناي واردنا مقابلة طبيب عراقي مختص بجراحة العيون وهو صديق حميم لصهري فعرض صهري على ادارة المستشفى أن نقابل الدكتور الاخصائي بشكل استثنائي لكونه طبيبا عراقيا وهو صديق مقرب ، نريد مقابلته لامر هام ، فلم يتح لنا ذلك إلا بعد يومين ، فسألنا مدير إدارة المستشفى عن الأسباب ، فأجاب أن النظام لا يتيح مقابلة الطبيب الاستشاري أو الاختصاص إلا بعد المرور بإجراءات طبية متدرجة ،، ولا استثناء في ذلك .
اردنا بهذه المقدمة أن نعرض لحقيقة واحدة إلا وهي أن الطبيب الاستشاري أو الاختصاص له مهام طبية لا تنحصر فقط بمعالجة المرضى ، بل في إيجاد وسائل جديدة للمعالجة وإجراء البحوث الطبية المناسبة لحالة بلدانهم ومستوى الأمراض الفتاكة أو المزمنة أو الانتقالية ، غير أن ما يجري للطبيب الاختصاص في بلادنا هو تجمهر المراجعين حوله وتناول أطراف الحديث أو الصراخ من أجل الوصول إلى دور الكشف واستحصال العلاج ، وان من أهم أسباب ذلك قلة المستشفيات أو الاستهانة بالطب ، أو انفراد مشفى واحدا بالعلاج لكل انحاء العراق كما هو الحال في مستشفى ابن الهيثم الذي يناهز عدد مراجعيه الالف مراجع يوميا ، ومن كل انحاء العراق ، رغم تنوع نشاطاته الطبية بدأ من الفحص الاعتيادي وصولا إلى عمليات زرع القرنية ، ولو زار أي منا مستشفيات دول الجوار على سبيل المثال لوجد أن المشفى فندقا يقدم الخدمات الطبية وبهدوء منقطع النظير. نرجوا من وزارة الصحة الإسراع بانشاء مستشفا رديفا لابن الهيثم في الكرخ ، إنقاذا للاختصاص النادر وتقديم الاحسن للمراجعين . مع فائق التقدير …