19 ديسمبر، 2024 4:12 ص

كلمة مشتقة من الصنم , الذي هو تمثال بشكل ما يُعبد , وهذا السلوك متعارف عليه في مسيرات البشرية جمعاء وإلى يومنا الحاضر.
والدافع إلى تناول هذا الموضوع , أنني كنت في جلسة مع عدد من العقول المنورة وأثناء ذلك أثير تساؤول ” هل كان العرب يتقاتلون على الأصنام , هل سمعتم بشجار بسبب صنم؟”
فالعرب آنذاك كانوا يعبدون أصنامهم ويتقربون بها زلفى إلى ربهم , وكانت أصناما متنوعة متعددة ولكل مجموعة أو طائفة صنمها , وكلٌ يحترم صنم الآخر , وما فيهم من قال صنمي هو الصنم الحق وغيره كلا , وإنما كلٌ يتعبد في ظلال صنمه ويمضي في طريقه.
وقد حضرتني هذه المقارنة وأنا أتجول في إحدى المدن اليابانية الكبيرة التي فيها ألف ومئتي معبد ونفوسها تقترب من المليون والنصف , وكان الناس يمرون على المعابد المتنوعة الديانات ويؤدون الطقوس ويمضون , وعندما سألت صديقي الياباني هل يتقاتلون أو يسفه بعضهم دين بعض , ضحك متعجبا وقال , إنه أشبه بالتراث أو الفلكلور , نؤديه ونمضي في مسيرة الحياة اليابانية , ولا يسأل الواحد منا الآخر عن دينه , إنه سلوك خاص بكل شخص أو جماعة.
وفي خضم الحوار الجميل , تساءلنا عن الأصنمة , أي نعيد للأصنام دورها في حياة العرب!!!
السؤال صاعق ومدوي , لكن الواقع الفاعل فينا أن العرب قد أوجدوا أصناما من بينهم , فالكثير من ذوي العمائم قد تحوّلوا إلى أصنام آدمية , ويبدو أن الصنم الآدمي أخطر من الصنم المادي , فالأخير لا يضر ولا ينفع , والأول يضر ويضر ولا ينفع.
وأن تختار بين لا يضر ولا ينفع وبين يضر ولا ينفع , ستكون الأفضلية للأول.
فلماذا لا نعود إلى ما لا يضر ولا ينفع بدل الوقوع في حبائل ما يضر ولا ينفع , تلك حقيقة ما يجري ويتحقق في المجتمع العربي , أن الأصنام المعممة تستعبّد البشر وتستحوذ على وجودهم وتصادر مصيرهم وتستنزف طاقاتهم وتضللهم وتجهّلم , وتسخرهم لإنجاز رغباتها وما مطمور في أعماق نفوسها الأمّارة بالسوء والبغضاء ووفقا لآليات المتاجرة بالدين.
قد ينتفض البعض ويكفّرون ويرجمون ويسبون ويشتمون ويتعوذون من ألف شيطان وشيطان رجيم , وما هم إلا شياطين يتمظهرون بدين , وإلا كيف تفسرون البلاء الوخيم في مجتمعات تتسلط فيها العمائم وتتحكم بمصائرها أحزاب ترفع رايات دين؟!!
لا بد للمجتمع أن يختار بين صنم مادي وآدمي , أو يتعلم حقيقة وجوهر الدين ويؤمن بأن الدين العمل , وليس مراسيم تعبّد وحسب تدمر البشر وما حوله من أسباب حياة وظفر , والله لا يحتاج إلى وسطاء بينه وبين عباده!!
فإن كان الدين قيمة سامية في حياتنا علينا أن نظهره بأفعالنا الرحيمة الإنسانية السمحاء , وإن كانت الأصنام الآدمية ما نتبع ونتعبد في محاريبها فمن الأفضل أن نعود إلى أصنام من حجر وتمر وخشب!!
ولعنة الله على الزناديق الذين يمارسون الأصنمة , فالواحد منهم ما أجرمه!!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات