لكل زمان أشخاصه وعلاماته الفارقة , والزمن مقرون بمجايليه , والأجيال ولودة , فمِن رحمها تأتي الرموز والقدرات الإبداعية المتنوعة , وهي مرهونة بآليات زمانها , وما فيه من العناصر التي تفاعلت لصناعة حالة ما.
وللزمن قوانينه , ولابد من بضعة أشخاص في أي جيل تتوافق تطلعاتهم مع قوانينه , فيتحركون بسرعة فائقة نحو أهداف رسموها أو رُسمت لهم , ولن يتقدم شخص في سلم الأيام , إن لم تتناغم خطواته مع إيقاعات الزمن الذي هو فيه.
فلو قسّمنا أي قرن إلى ثلاثة أقسام , ودرسنا الأشخاص فيها , لتبين الفارق بين الحالات الثلاثة , على أن القرن وعاء ثلاثة أجيال أو أربعة.
ونحن في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين , بدأنا لا نستسيغ ما أنتجه الربع الأخير من القرن العشرين , لأننا في عالم مغاير.
فكيف يصح في الأفهام , إستحضار أشخاص من بطون القرون الغابرات , وفرضهم على مجتمعاتنا المعاصرة؟
هل أن أدعياء هذا الإستحضار المريب يريدون إيهامنا بأن الأرض لا تدور؟!!
إنها من عجائب الإقترابات التي يريد بموجبها المفكرون وأمثالهم , أن يستنجدوا بأشخاص القرون الوسطى لحل مشاكلنا في القرن الحادي والعشرين!!
إنه سلوك يمثل عجزهم ونضوبهم وإنقطاعهم عن الواقع الزماني والمكاني لمجتمعاتهم , وبأنهم مرهونون بالنظريات التي أودعت في رؤوسهم من قبل أساتذتهم في الجامعات الأجنبية , فتوهموا فيها الحل الناجع ففشلوا وإندحروا في الغابرات , تعبيرا عن نكوصهم الإدراكي.
الغابرون لا يعرفون مشاكلنا المعاصرة , وعلينا أن ننطلق منهم لا بهم , ونبني آلياتنا المتوائمة مع التحديات التي تواجهنا , فما تصدوا له يختلف عما نتصدى له , فكيف يمكن لذلك أن يكون حلا لهذا الذي نعيشه ونقاسيه؟
تلك أمة خلت…. , وعلينا بأمتنا المعاصرة التي نحن فيها!!
فأين الذين يتفكرون ويتعقلون ويقرأون؟!!