23 ديسمبر، 2024 11:52 ص

الأسياد والعبيد من وجهة نظر إجتماعية

الأسياد والعبيد من وجهة نظر إجتماعية

السَيدُ والعَبدُ، مصطلحان ومفهومان قديمان، تستخدمهما المجتمعات، للإشارة إلى التابع والمتبوع بصورة عامة، والمالك والمملوك بصورة أقل من ذلك، وقد تتقدم الثانية على الأولى في مجتمعات دون أُخرى، حسب ثقافة المجتمع ونظام الحكم، ويكذب كُلّ مَنْ قال: أنهما زالا أو إندثرا، فالمجتمعُ له نظرتهُ الخاصة للمفاهيم، وإن إختلفت تطبيقاتها.
لقد كان معنى(السيد): الشخص المُفتَرَضُ الطاعة، بمعنى المتبوع، ومتبوعيته حقيقية، لأنهُ يقود الناس لما فيه منفعتهم، ثم تحول إلى الشخص المالك(للمال والعبيد)، وهنا تحولت المتبوعية إلى متبوعيةٍ إعتبارية، والعبدُ: المطيع والمنقاد لأوامر سيده، بمعنى التابع، وتبعيته حقيقية، كالمتعلم يتبع العالم، لما يراه من شرفٍ وكرامةٍ وشجاعةٍ، ثم تحول العبدُ إلى مملوكٍ(رقٍ)، يُباعُ ويشترى عند سادة المال والثراء، فأصبحت تبعيتهُ إعتبارية إجبارية.
نستطيعُ القول: أن هناك سادة محترمين لدى المجتمع، وسادة غير محترمين، وكذلك العبيد، فالسيد كانت تطلق على النبيل، من الفرسان والحكماء والسياسيين وغيرهم، لذا قيل ” السيدُ: سيدٌ بأخلاقه، وحُسنُ تعاملهِ مع الآخرين”، والعبدُ ” هو المغلوبُ على أمرهِ لشئٍ ما”.
فهم المجتمع مفهومي(السيد والعبد) بمعنى(التابع والمتبوع)، والمتبوع هو المستطيع والقادر، وأما التابع فهو مَن لا حول ولا قوة له، ولذا كان العبد محط رحمة وعطف السادة المحترمون، ومحط استرقاقٍ وإستغلالٍ عند السادة غير المحترمين من سادة المال والسلطة…
كانت العرب تستحي من أن يُشارك عبيدها في الحروب والمعارك، بل الحرب والمعركة شرف لا يجب أن ينالهُ إلا الأسياد، ولذا إضطر سيد عبس(شداد) أن يدعي بأن(عنترة العبسي) إبنهُ، بعد أن كان يرفض ذلك، بسبب ما أبداه(عنترة) من قوة وبسالة في المعارك، وقولهُ الشعر، وكانت هذه الصفات، من صفات السادة الكرام، وليست من صفات العبيد، وفي صدر الاسلام أيضاً كان الصحابي(طلحة بن عبيدالله) دائماً ما يرفع يده عند الكلام، ليُريَّ الناس إصبعهُ المبتور، في إحدى معارك المسلمين….
ينظر المجتمع اليوم للشهيد والمقاتل نظرة الإحترام والإجلال، ويسمعونهم أرقى معاني الشكر والإمتنان، وينشدون لهم وفيهم الأشعار والأناشيد، فلا شئ يعلو على من يجودُ بنفسهِ من أجل الآخرين…
بقي شئ…
الذين يشاركون اليوم في معارك الشرف والتطهير والتحرير، هم الأسياد، وما دونهم فهم العبيد، شاؤوا أم أبوا، هكذا هي نظرة المجتمعِ لهم.