من عجائب السائد في واقعنا المعرفي أن التوجه نحو تبرير السيئ بالأسوأ , خصوصا عندما تتحول كان إلى عذر لتسويغ يكون , وتلك جريمة كبرى بحق الحياة , وجوهر الوجود.
الأسوأ والسيئ مرفوضان وملعونان , ولا يجوز تعزيز فعل السوء بما كان أسوأ.
نفسد لأنهم كانوا يفسدون!!
نسرق لأنهم كانوا يسرقون!!
نقتل ونعذب وننتهك الحرمات لأنهم كانوا كذلك!!
ونفعل ما نفعل , فهم كانوا يفعلون الأفظع!!
وربما يعملون بمقولة ” بعض الشر أهون من بعض” وما دام شرنا أهون فهو خير بالمقارنة إلى ما كان في سابق الأوان , فلكل كرسي سيف ونطع وإن تغير الزمان.
تتعدد وسائل السوء والسوء واحد!!
و”…كلما دخلت أمة لعنت أختها…” , وهكذا دواليك , وحسبك أن السيئ يتوالد , وينجب أسوأ منه , ويجند الأبواق التي تبرره وتسوغه , وتخفف من وطأته إعلاميا ودعائيا , فلا يمكن للسوء أن يأتي بأقل منه سوءاً , وتلك معضلة الحياة.
فالنفس من طبعها الإنجذاب للشرور والتمادي بها , فإن وجدت فرصة لذلك تتحرر من الضوابط والمقيدات وتنفجر كالبركان الهائج.
فالذين يبرورن ما يقترفونه من مساوئ بمَن سبقهم , يؤكدون على أنهم يأتون بأعظم مما فعله أضعاف المرات , ويخادعون أنفسهم بأن ما فعلوه دون ما كانوا يفعلون ويجرمون.
الواقع الوطني القويم , يشير إلى أن الذي يكون في السلطة عليه أن ينطلق بالبناء والتربية الوطنية , ويبتعد عن السلوكيات الإنتقامية , والإقدام على ما فعله الظالمون , ويبدو أن المظلوم يقترف الجرائم البشعة التي يتفوق فيها على ظالمه.
وقد أبطل مفعول هذه المعادلة الساذجة الزعيم “نلسن ماندلا” , ولنا في نبينا الكريم أسوة حسنة عند فتح مكة.
فهل من رؤية ذات مسؤولية وطنية , بعيدا عن العاهات النفسية الفاعلة فينا؟!!
د-صادق السامرائي