23 ديسمبر، 2024 5:06 ص

الأسلام…؟ والحق…؟ والتقوى…؟ كيف تصرف بها المسلمون …؟

الأسلام…؟ والحق…؟ والتقوى…؟ كيف تصرف بها المسلمون …؟

لم يكن القرآن الكريم كتابا عاديا في الفقه او السياسة ،لكنه كان كتابا في النبوة والرسالة ،أي في القيادة والأصلاح، وفي قوانين الجدل المادي ، والمجادلة في الأنسان،مما مكن العلماء من وصفه بكتاب أسس التشريع والأخلاق.

فأذا استطعنا ان نحدد هذه المفاهيم الراقية وأثرها على حياة الأنسان،أستطعنا ان نعرف الاسلام لغةً وأصطلاحاً ضمن المنظور المطروح في الآية الكريمة التي خلصت الى التأكيد على قول الله تعالى :”أن الدين عند الله الاسلام” وأن اختلفت التسميات في المسلمين ،بين مسلمين ونصارى ويهود وديانات منزلة اخرى،لأن الكل بالمفهوم القرآني من المسلمين ،أنظر الآية 35 من سورة الاحزاب ،أما أتباع محمد (ص) فهم المؤمنون.. وبالتالي يعترف القرآن بأن كل الديانات التي نزلت من نوح ومن بعده هم من المسلمين.

اي ان الدين في المعنى القرآني هو كل مادان به الانسان لله وحده في خروجه من المملكة الحيوانية ،واصبح مدركا لحكمته وطاعته،منفذا لأوامره الحقة.من هذا المعنى جاءت كلمة نفخة الروح التي نقلته الى عالم الحضارة والتمدن.والتي منها استقت المعرفة الانسانية بقوانين الوجود.لذا اطلق على الوحي السماوي بالروح، بقوله تعالي “ينزلُ الملائكةَ بالروح من أمره على من يشاء من عباده،غافر 15”.

أما كلمة الدين بالمعنى التقليدي الخاص بالعبادة فهذا المعنى مرفوض ولا وجود له في قاموس الأديان السماوية المعتمدة والملزمة في التطبيق. اي ان الاسلام هو سلامة البشرمن المخاطر وسلامته من النقائص والعيوب (الصيرورة) اي نظرية التغيير والتطور. لذا فقد تجرد الاسلام من العنت والتحجر والتزمت والهرطقة والزندقة والاعتداء على الوطن والأخرين التي تؤدي الى الترفع وكره الاخرين وعدم الاعتراف بالحقوق الاخرى لكل المواطنين.لذا جاءت الصيغة بصفة مستسلمين بل طالبين الرحمة من المولى القدير. فيصبح الاستسلام لرب العالمين لا ضير فيه ولا نقيصة؟

2

وللدين صفتين هما: الاستقامة والحنيفية،وعلى ثلاث مركبات هي الحق ، والفرقان ، والتشريعات المختلفة .

الحق :

وقد وردت كلمة الحق والعدل بأكثر من 360 مرة وبآيات حدية الزامية التنفيذ. ويقصد بكلمة الحق :

الالتزام بنظرية الحدود ،حيث تكمن عالمية الرسالة المحمدية ،وصلاحيتها ومرونتها،بعد ان نقل القرآن التشريعات العينية في الرسالات السابقة للاسلام الى تشريعات حدودية لا حدية في الاسلام ، لذا اعتبر مفهوم الحقوق الذي جاء بها الرسول (ص) الكريم هو بداية الانسان الحديث المعاصر .والعبادات الاساسية تدخل ضمن الحدود ،لكنها شخصية فيها التقوى الفردية وحرية الاختيار.فحذاري من التجاوز عليها من قبل سلطات الدولة.

الفرقان العام :

هو الوصايا العشرة التي وردت في سورة الانعام الآيات 151-153 .وتم فيه تحديد مفهوم الاخلاق والعادات والتقاليد التي لا تتعارض مع اخلاقية الانسان.لان الاخلاق عالمية ،والعادات والتقاليد محلية.

التشريعات الملزمة التنفيذ وهي :

المعروف والمنكر ، وطاعة الرسالة.واعتبرت السُنة النبوية ملزمة في تطبيقات اعمال الرسول واحكامه وليست الاحاديث التي اوردها الفقهاء جزافا في السُنة .

من هنا فأن الفقه الاسلامي تم على ضوء الفهم الجديد للرسالة وليس على اساس الاجتهادات الفقهية المنتهية الصلاحية.لأن الفقه بحاجة الى ان نجعل منه فقها متطورا منسجما مع فطرة الناس ،وعلى المفهوم المعاصر للسُنة النبوية وليس على اساس اراء رجال الدين الذين لا يعترف بهم القرآن ، ولا يخولهم حق الفتوى على الناس ، ولا يميزهم بلباس معين ، ولا يمنحهم صفة التقديس ،انظر الآية 174 من سورة البقرة.

من هذا التصور جاءت نظرية فلسفة القضاء الاسلامي المتطور لا المتزمت كما تدعية الحركات المتطرفة اليوم.

3

ومن هذا التصور القرآني العظيم كان على المسلمين ان يولدوا ولادة حضاريةجديدة خلال معاناة بناء حضارة،فهناك علاقة تبادلية او جدلية بين الانسان والبناء الحضاري…لأن كلاهما يولد من جديد في الأخر.،وكلاهما يتطور- الانسان والحضارة – ضمن كلية تفاعلية واحدة.ولعل هذا هو السر في المحنة الثقافية القاسية التي ما زال يعيشها عالم الاسلام ،بعد ان اصبح الاسلام يعيش في لغة الناس وليس في واقعهم.

وما لم يعي الفقهاء والحكومات العربية والعراق بخاصة فلسفة القرآن في حكم الناس،ويلغوا الفقه القديم الذي عفا عليه الزمن بالتطور، سنبقى نتعايش مع التخلف وسنكون في اخر الشعوب. وما لم يبتعدوا عن المصلحية والفرقية والطائفية والمحاصصية المحرمة في الاسلام في المجتمع والدولة والاعتداء على حقوق الوطن والمواطنين سوف لن تكون نهايتهم الا الدمار الأكيد.

ان الله لا يحب من يتعدي على القانون وحقوق الناس،وها ترى كل المعتدين اليوم حيارى لا ينامون بين نادم وممتعض وفاقد لأهلية الحق والعقل والقانون ، يقول الحق: “وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد”.و بأية حدية يقول الحق :ان الله لا يحب المعتدين.

فليتذكر اصحاب السلطة ورجال الدين ، حقوق الناس كما انزلها القرآن بتحديد ولا يتمادون في تلك الحقوق

وكل عام وانت بخير وقد زال الطغاة الذين تأمروا على الوطن من اجل مصالحهم وجعلهم الله هباءً منثورا ان شاء الله.

[email protected]