حكاية يتداولها الناس … ملك الغابة الأسد، التقى بعوضة … سخر منها وإحتقرها وأهانها …. إنقضت عليه لسعاً، فاشتعل غضبا …. مضت تلدغه في مواضع مؤثره من جسمه … جن حنونه، وهاج وعربد … تشتد في لدغه …. يحك مواضع اللسع، هائجا متخبطاً بذيله، منفجراً … يصارع الفضاء معربداً … مشهد لفعل دؤوب مؤثر مستمر من بعوضة ماهره ذكيه، ورد فعل متشنج من أسد لا يعرف غير القوة والبطش لبسط نفوذه … يتهاوى، أخيراً، خائر القوى أمام بعوضة ضعيفة، يلفظ أنفاسه!!! … تغادر البعوضة، مختالة مزهوّة، وتسقط بغفلة منها فريسةً لعنكبوت وقعت في شباكه!!!
يتداول الناس الحكاية ، ولم يسأل أحد عن ما آل اليه حال الغابة في عصر صاحب الجلاله الأسد الثاني ،الذي تولى العرش خلفاً للأول ، وبقي عهده نسياً منسياً … كان مختلفاً عن سلفه بما عُرف عنه من دهاء وحنكه وحكمه وذكاء وقوة بأس … بسط هيمنته التامه على كافة امراء حيوانات الغابة وحشراتها ، بالترهيب والترغيب وأخبث الأساليب … وبينما يشهد عصر الغابة هذه المتغيرات ، ظهرت في معشر البعوض، بعوضة اتخذت اختها الراحلة مثالاً ونهجاً لها … وسوس لها الشيطان يوماً ودعاها الى نزهة لتسبر غور العاهل الجديد … إنسلت في غفلة الى داخل عرينه ، ماضيةً في طنين وأزيز لا ينقطع … اهانها واعتدى عليها وسخر من ضعفها … انتفضت لكرامتها وانقضت عليه لسعاً … بلغ الخبر سريعاً أمير البعوض بوشايه من بعوضه خبيثه … استشاط غضباً وخنقاً ورعباً وخوفاً على كرسي الامارة … انتفض مسرعا الى عرين سيده … قبض على البعوضه … عَنَّفها واقتص منها فأهلكها … توجه الى سيده ولي نعمته … ركع بين يديه متوسلاً معتذراً ماسحاً مواضع اللسع من جسده، يلتمس منه المعذره والغفران ويلهج بآيات الولاء !!! … غادر الأمير الذليل يصطحب البعوضه الواشيه ويمنحها منصبا رفيعاً … مستشارة لشؤون البعوضات!!!