23 ديسمبر، 2024 4:29 ص

الأزمة العراقية وخارطة ما بعد داعش

الأزمة العراقية وخارطة ما بعد داعش

لجوء تنظيم داعش الاجرامي الى استراتيجية الغزوات عبر الاستهداف المباشرللمدن وهجمات فرق الانغماسيين والهجمات الانتحارية في الفترة القريبةالماضية يعد تحولا نوعيا بعد التراجع الكبير والمتواصل للتنظيم الاجراميفي الجبهات غرضه الاساسي الحاجة الماسة لتشتيت الجهد العسكري العراقيورفع معنويات افراده عبر نقل المعركة الى داخل المدن يسعى من خلاله الىاحداث ارباك كبير وخلط للأوراق وامساك لزمام المبادرة.
مدينة الفلوجة هي رأس الافعى ومنطلق العمليات لتنظيم داعش بما تشكله منعقدة استراتيجية هامة في قلب العراق ولا تمثل عمقه الفكري فقط بلوالتخطيطي والعملياتي واللوجستي أيضا ومركز القيادة والسيطرة ومصدرالتهديد الدائم لبغداد وتشكل ورقة الضغط الأميركية على الحكومة وعنصراشغال واستنزاف لقوات الحشد الشعبي لذلك لا ترغب الإدارة الأميركية التيتقود غرفة العمليات العسكرية العراقية وترسم خططها اقتحام الفلوجة وحسمامرها وايقاف تهديدها وهي التي عملت طويلا على ذلك لحسابات اعمق واكبر منالساحة العراقية ولا تقتصر عليها فقط وادعاء رئيس الوزراء قرب تطهيرالفلوجة بعد ضغوط الرأي العام التي ولدتها مواقف وتحذيرات قيادات الحشدالشعبي رد عليها المتحدث باسم التحالف الأميركي بتأكيده ان الأولوية فيعمليات التطهير هي لمدينة الموصل قبل مدينة الفلوجة لحسابات خاصة وغاياتانتخابية أميركية تريد وضع حصاد زرع بذور تنظيم داعش في سلتها ولمصالحهالا في السلة العراقية او لحساباتها الوطنية.
ما يجري في العراق هي “حرب تمويهية” تعقدت مساراتها وتشابكت خطوطهاللتغطية على ميدان الصراع الحقيقي تديرها واشنطن بدهاء وحرفية عالية وهيالتي تمتلك تاريخا طويلا وحافلا في صناعة فرق الموت في السلفادور وفيتناموهندوراس وغيرها مرورا بفرق التكفير القاعدية في افغانستان وليس انتهاءبالعراق وسوريا صحيح انها خسرت بعض ميادينها ومعاركها لكن تمتلك اصراراكبيرا على بلوغ اهدافها أو تقليل خسائرها الى الحد الادنى ما يعني انالصراع طويل!!.
تنظيم داعش نجح في جر قوى التحالف الوطني للدخول في سجالات سياسيةومناكفات حادة بهدف تعميق الازمة السياسية المزمنة والمتجددة باسم حركةالاصلاحات المزعومة التي عمقت أزمات الواقع السياسي ونجح التنظيم فياحداث شرخ شيعي – شيعي بمعية حلفائه ومحركيه لفرض خيارات سياسية معينة فيوقت ينزف فيه الأبرياء الدماء.
اميركا من جانبها ما تزال تتحرك بنشاط كبير خلف المسرح وبعيدا عن الأضواءللتهيئة لخارطة عراق ما بعد داعش وتعمل على إدارة الازمات العراقيةبأبعادها السياسية والأمنية والاقتصادية الأساسية بما يمهد للانتقال منمرحلة العراق الفيدرالي لتكريس صيغة العراق الكونفدرالي بثلاث دويلاتشيعية وسنية وكردية تمارس فيها محافظة بغداد المرتبطة بالأمن الأميركيالاستراتيجي بصورة مباشرة دور توزيع الثروات بحسب وثائق أميركية ومؤتمرباريس لما يسمى بـ “المعارضة السنية” الذي تم تأجيل انعقد نهاية الشهرالماضي يأتي في هذا السياق.