الى متى الأزمات والجراحات في منطقة الشرق الأوسط التي تتميز بالخيرات في أكثر بلدانها وأصبحت مركز لجذب القدرات العالمية والاقليمية تبقى مستعرة ، فهل ذلك لما تتمتع بالموارد والطاقات والثروات الاقتصادية ، لذلك هذه الكنوز هي من تخلق حالة من عدم الاستقرار والبؤر للأزمات واتباع سياسة فرق تسد وشد الاطراف والعمل على زرع الفتن والخلافات مع بعضها البعض ومنع محاولة التقارب للوحدة بين اطرافها. مما اوجدت نقطة عمياء في تحليل بعض أهم التطورات الحالية في الشرق الأوسط، واضافة بعداً يتعلق بتهديد للديمقراطية الغربية والنظام الدولي الليبرالي اذا بقيت هذه الخيرات تدار بيد ابنائها حسب ما تبث من سموم في أوساط مجتمعاتهم لأنهم اي الغالبية الغربيين تنظر خطأً إلى المنطقة بمنظور الإسلام فقط والخوف من توسعه ويدفعون بتحريك إستراتيجيات مضللة في مجالات حساسة مثل مكافحة التطرف أو تعزيز الحريات واستقلالية البلدان وحماية الديمقراطيات .
والازمة “هي حالة من الحالات التي تخص التوتر، وهي من المفاهيم التي انتشرت في المجتمع المعاصر بشكل واسع، فأصبحت تمس كل جوانب الحياة، وذلك ابتداءً من الأزمات التي قد تواجه الفرد إلى الأزمات التي تمر بها المؤسسات والحكومة وأيضا الأزمات الدولية، ومصطلح الأزمة أصبح من المصطلحات التي تتداول وتنتشر على جميع الأصعدة وفي المستويات الاجتماعية المختلفة” وعادة عندما تكون هناك محاولات شاملة وفوضوية لدرجة يصعب استيعابها بكليتها ويحاول الناس جاهدين فهم ما يحصل معها ، يولد لدى المواطنين الشعور بعدم الأمان والكثير من القلق المصحوب بالتساؤلات، ويمكن أن يتحول إلى الشعور باليأس والفزع والغضب والإحباط ، وفي كثير من الأحيان يلجأ المواطنون إلى القادة السياسيين للإرشاد في هذه الأوقات والاستجابة لحل هذه الازمة او تلك او ما يمكن باستخدام التوصيات ووضع الخطط الأساسية التي يجب أعطاؤها في الاستجابة للأزمة ويعطي هذا التواصل الشعور المطمئنة للمواطن وتشكيل فرق عمل لدراسة تأثير الأزمة على الفئات المستهدفة المختلفة، مع التركيز على الفئات الضعيفة للعون مثل النساء والأشخاص ذوي الإعاقة والأقليات العرقية والدينية ومجموعات السكان وخاصة الشباب ، لانه غالبًا ما يتفاقم وضع هذه الجماعات خلال الأزمات، حيث تزيد عدم المساواة اثنائها ، وهذا يزيد من احتمالية وضع هذه المجموعات في خطر التأثر سلبًا خلال أوقاتها.
هنــاك العديــد مــن الأزمــات التــي تواجــه المجتمعات إمــا بــصفة دوريــة أو بــصفة عشوائية وبالنظر إلــى هــذه الأزمات نجد إنها قد تسببت خـسائر وأضـرار كثيـرة للفـرد والمجتمـع سـواء مـن الناحيـة الاجتماعيـة أو الـسياسية أو الاقتصادية والإداريـة. ولا يخفـي علـى أحـد أن تعـرض المجتمـع للأزمـات يهـدد بـصورة عـشوائية ومـستمرة فـي نفـس الوقـت التنميـة سـواء فـي جانبهـا المـادي أو البشري حيـث تسبب الأزمـات بمختلف أنواعهـا خسائر فـي المنـشآت والمرافـق العامـة والممتلكات والثـروات البـشرية والطبيعيـة وتقلـل كـل هـذه الخـسائر فـي فـرص التقدم في مسار التنمية حيث تؤثر بـصورة مباشـرة أو غيـر مباشـرة علـى الثـروة البـشرية للمجتمـع ومـا تمثلـه مـن ركيـزة (أساسية من ركائز الحركة التنموية و إضافة إلى مراحلها المتعددة ذات المستويات المختلفة من الالم التي تنتج في تأثيرات متباينة في المنطقة وإدارتها مما يستوجب إجراءات متنوعة لمواجهتها ولا يخفى علينا سير الأحداث بخاصة السياسية منها وبكل أنواعها من دور في تاريخ الشعوب والمجتمعات سواء على صعيد الهدم أو البناء، وقراءة متأنية لدور الأزمات بشكل عام يفضي بنا إلى تلمس خيط يقودنا إلى حقيقة مفادها ان المجتمعات التي اعتمد الهرم القيادي فيها على أشخاص قوية وكفاءة في التعامل مع الأزمات كانت أصلب عودا وأكثر على المطاوعة والاستمرار من قريناتها اذا انتهجت أسلوبا مغايرا تمثل بالتصدي المرتجل والتعامل بطرق غير مدروسة سلفا مع بؤر
الصراع والتوتر فيؤدي بالتالي إلى ضعفها وتفككها، ان القيادات الواعية والتي جابهت تحديات ومؤامرات كادت تعصف بها لا يجوز لها أن تسمح للشعوبيات والمغامرات الاستعراضية أن تدخلها في الفوضى ولا يجب ان تكون واقعة تحت ضغط الأزمات أو المشكلات و أن تخلق القائد الذي يجيد زرع الثّقة بالنَّفْس وأن يمتلك السّلام الدّاخليّ، وأن يُدعِّم معرفته وقُدراته وأن يُطوِّر من نفسه وأن يكتسب ويتعلّم مهارات ودروس جديدة، يكون من شأنها أن تزيده قُدرته على التّعامُل مع الأزمات والظّروف الطّارئة عندما تتعلق بأخطر قرارات الحياة ، ولكن العبرة في ان تضع الحلول السليمة لتجاوز تلك الأزمات والابتعاد عن الانزلاقات المستغربة أو تلك التي تتّخذه كردّ فعل انفعالي غير مدروس لموقف طارئ أو لأزمة ألمّت بفئة معينة ، والأزمات ظاهرة ترافق سائر الأمم والشعوب في جميع مراحل النشوء والارتقاء والانحدار، إن الذين يحاولون مجاراة الأوضاع الصعبة والحياة الرديئة التي يعيشونها لتسيير عجلة الحياة يكونون ضحايا لتلك العجلة الغاشمة التي لا ترى سواهم في طريقها فتدهسهم بلا قيمة لهم ولا ثمن، ولا صوت يُسمع إذ إن الأصوات العالية تُبتر، والغلبة في يد من يقرِّر، فلا أحد يستطيع التأفف، وإلا أصبح هو الضحية القادمة، إن لم يكن هو كذلك في طبيعة الحال! وجراح الأزمات لا تندمل ولا تطيب، في الأزمة تلو الأزمة، لا فواصل لمحاولة النسيان، ولا فرصة ليطيب جرحاً كان بالأمس، لأن اليوم جرحٌ جديد! وأنه يرى ويعلم، أن هناك جراحات اخرى.
ان الكثيرون منّ الناس عندما يهدأون وعندما يزول توتُّر الصّدمة النّاتجة عن مُواجهة الأزمة ، فإنّهم يستغربون من حماقة فعل قد ارتكبوه أو كادوا أن يعملوه ، والكثير من الأزمات كان يُمكن ألاّ تتصاعد وتتضخّم لو كان الفرد قد تروّى ولو للحظات قليلة في اتخاذ قرارغير سليم، أو لو كان قد انتظر حتّى يهدأ انفعاله وتخمد ثورته وتوتُّره النّاتج عن الأزمة، فيكون بمقدوره وقتها أن يُقيّم الموقف بنظرة نافذة وبحكمة ورؤيّة مدركة اكثر، ومن ثمّ يتّخذ القرار الصّحيح حياله و موقفا رافضاً وناقداً لأي إجراء غير منتج و مدروس و دون أن يحاكم منطقياً واخلاقياً فالرفض العدمي مطلق لأنه وحده يمتلك الحقيقة وليس مطلوب منه تقديم حلول.