في عالمنا الواسع، ولاسيما في السياسة والاعلام، لاتستطيع معاتبة شخص ما على تبدل مواقفه في لحظات، لعدة اسباب، من أهمها أن الضوابط الأخلاقية والمهنية تختفي كما هو الحال في كل زمان ومكان. لاحظوا التبدل الذي طرأ على مواقف سياسيين ووسائل إعلام كانت “مالكية” أكثر من نوري المالكي، واليوم يروّج بعض ذوي التفكير الواهن لـ”ضرورة” حيدر العبادي. صناعة الصنم امتياز شرقي، يمكن لكل مجهول قادم من خلف الضباب أن يتحول الى وصفة سحرية بلا مقدمات ولا نتائج. التصنيم فن نتقنه بالرغم من فشله عبر التاريخ، لأننا نريد قوياً “يصفيها” وفي الوقت نفسه “نزيهاً”.
حاول البعض ان يكون متفائلاً أكثر مما يجب، وجنّد بعضهم نفسه طواعية في صفوف أزلام العبادي حديثة التشكيل، وتمت الاستهانة بآية قرآنية كريمة، وادخالها مدخل التهريج و”التحشيش”، ولايهمهم رد الفعل السيئ الذي يتركه هذا التملق الفاضح والمخزي. آفة العبادي المتملقون الجدد والقدماء، وأصحاب المصالح، الذين لايرون ابعد من السيارات الفارهة أو الأرصدة في البنوك على حساب قضية وطن وشعب. هناك مجهولون في كل الأنظمة، مؤثرون جداً، ولكنهم يبقون مجهولين، ويتسربون إلى الأنظمة الجديدة ويمارسون دورهم نفسه، يسبغون صفات القوة والحزم والعدل على الحاكم الجديد، ويتحولون إلى مقاتلين شرسين عنه، كما فعلوا مع سابقه. إنهم نموذج متوفر وبكثرة في أسواق السياسة والإعلام.
علينا أن نفهم أن الأرض لن يرثها د. حيدر العبادي حتى لو كان صالحاً، وأن أجيال الطاهرين من الأتقياء ومن تعذب في الحياة الدنيا ولم ينل منها شيئاً ليس أقل فضلاً أو عملاً من العبادي، وكل حالات التفاؤل الزائدة ستنقلب ألماً وحسرة كما حصل قبل 4 سنوات. لايعني إزاحة مرشح وتثبيت مرشح أن القاطرة وُضعت على السكة الصحيحة، وأن التغيير المرتقب قاب قوسين أو أدنى، وأن الظلمة التي تغيّبنا منذ 11 عاماً ستنقشع. الإفراط بالتفاؤل سيئة بعواقب وخيمة، علينا أن نراقب وندقق ونحقق وننتقد، أكثر مما فعلنا سابقاً، الاتفاق على مرشح والتوافق على برنامج هو أهون المسالك وأسهلها.