ميل دماغي لإهمال الإيجابي وسحقه , وإستحضار السلبي ورفعه , فالتركيز على السلبي يتسيّد ويتفوق على الإيجابي مهما كان كبيرا وواضحا.
وسلوك الأرشحة فاعل في وجودنا المعاصر ويظهر في الكتابات بأنواعها , وفي خطابات المنابر ووسائل الإعلام.
فالسائد إغماض العيون عن الإنجاز الإيجابي والتركيز على الهفوات السلبية أيا كان حجمها , وتهويلها وتكرار التشكي والتظلم منها , حتى ليتوهم الناظر من الخارج بأن الواقع دامع حزين ومعفر بالدماء ويتصاعد منه الأنين.
لو أخذنا أي سلوك في واقعنا , سنجد أننا جردناه من الإيجابي وعظمنا السلبي فيه , وحتى في طقوسنا الدينية وعقائدنا التي نتداولها أو نؤمن بها.
فعلى سبيل المثال , أخذنا من حياة رموزنا ما هو سلبي وحزين , وأبينا أن نتفاعل مع ما هو إيجابي في مسيرتهم , وبتكرار هذا السلوك , أصبح السلبي فاعل فينا , والإيجابي غريب علينا , ولهذا ما تعلمنا من رموزنا الأفذاذ , ولا تمكنا من ترجمة بعض أفكارهم الإنسانية الرحيمة الساطعة.
ولو عدنا إلى رموز الأمة العلمية المتواكبة في مسيرتها , لوجدتنا نهمل ما هو منير , ونجتهد في إبراز المشاكس والسلبي الذي يعزز مشاعر السوء والبغضاء , والإندحار في الدونية والتبعية والهوان , وإن تحدثت عن أساطين المعارف والعلوم رجموك بالألس والأفون!!
فالأمة بأجيالها المعاصرة عليها أن تتنبه لهذه العاهة السلوكية الفاعلة فيها , والموهنة لقدراتها وتطلعاتها الحضارية , ففيها من الإيجابي ما يستحق النظر والتقدير والبروز والسيادة , لكي يندحر السلبي وتنطلق إرادتها المقيدة بما لا يمت بصلة إلى جوهرها الناصع الشعّاع.
فهل لنا أن ننزع عدسات الرؤية السلبية , ونضع أمام عيوننا عدسات الرؤية الإيجابية , لنرى حقيقة الأمة ونبصر ذاتها المبدعة االأصيلة العطاء؟!!
د-صادق السامرائي