على صعيد أصالة دوافع الأديب العربي ، نادرا من تجد من هو يتمتع بدافع حقيقي أصيل في حب الأدب لذاته ومزاولة الكتاب لهذا السبب ، فالدافع على الأغلب يكون عقد الشعور بالنقص التي تضغط على صاحبها لتسكينها بعمل ما تعويضي يحقق لها التوازن الزائف ، فتجد من أصحاب هذه العقد يلجأ الى الكتابة الأدبية وغيرها من أنواع الكتابة ، طلبا لحب الظهور وإستجداء إعجاب الناس وإعترافهم به بإعتباره موهوبا وذكيا متميزا ، ويظل طول عمره مرتهنا للعالم الخارجي مستجديا بركات إعجابه ، فهو يكتب وينشر ليس بدافع قضية ما ، أو شغف جمالي يحفزه على التعبير ، وإنما يكتب لخدمة عقد الشعور بالنقص وحب الظهور !
ولهذا تجد الادباء العرب يهدرون أوقاتهم يتسكعون في المقاهي وبارات الخمر وهم يحملون حقائبهم أو كتب كجزء من البرستيج والترويج للذات ، فالتواجد في المقاهي والبارات يحقق للأديب إشباع يومي لتهدأت مشاعر النقص عبر اللقاءات مع الزملاء الأدباء والإستغراق في الحديث عن الذات و منجزها الإبداعي ، وكذلك التوهم من ان الناس تنظر اليه بإعحاب كبير وهو يمشي في الشارع ويرتاد هذه الأماكن ، وعادة تكون جلسات الأدباء في هذه الأماكن أحاديث روتينة مكررة يغلب عليها طابع النميمة والكلام العدواني ، فالعظمة لدى الأديب لاتكتمل إلا إذ إنتقص من زميل آخر ، لأن وجود أديب آخر متميز هو تهديد لاعماق الأديب المصاب بعقدة النقص وإشعاره بعدم الجدارة والتميز ولهذا يسارع الى مهاجمته وإرتكاب جريمة القتل الرمزي ، وهذا القانون يسري على كافة مجالات الحياة !
في ألاعم الأغلب الأديب العربي على المستوى السلوكي يفتقر الى الإلتزام المبدئي قديما وحديثا ، ولو إستعرضنا أبرز الأسماء التي تعد رموزاً للأدب سنجد سجلها المبدئي ضعيفا ، بل أحيانا يهبط الى درك مخجل على سبيل المثال :
– الشاعر المتنبي عاش إنتهازيا على موائد الملوك .
– الشاعر الجواهري إنزلق الى خطيئة مديح المجرمين الطغاة من أمثال : القذافي وحافظ الأسد ، وقبوله العيش في قصر رئاسي منحه له الرئيس الأسد على حساب فقراء وجياع الشعب السوري وكان بإمكانه العيش في أحد العواصم الأوروبية التي تمنح اللجوء ، الجدير بالذكر لم يُسمع عن الجواهري إستثمار علاقته بنظام الأسد لصالح عمل الخير وقدم خدمات إنسانية مفيدة للجاليات العراقية ، بل ظل بعيدا عن العراقيين وهمومهم !
– نجيب محفوظ عاش (…) مهادنا للنظام (…) الذي قاده جمال عبد الناصر وزمرته .
-الشاعر أدونيس خذل شعبه وإمتنع عن نصرت ثورته ضد عصابة الأسد : خوفا أو تملقا أو للأسباب طائفية .
– الروائي فؤاد التكرلي قبل على نفسه الموافقة على وظيفة مستشار لدى رئيس الجمهورية جلال الطالباني وهي وظيفة وهمية بدون دوام فعلي ، يعتبر راتبها الشهري سرقة للمال العام ، علما كان لديه راتب قاضي متقاعد .
– مظفر النواب ظل مدة طيلة شبه مقيم في ليبيا ويستلم راتبا شهريا من المجرم معمر القذافي وهي سرقة لأموال الشعب الليبي ، علما كان بإمكان مظفر العيش في أجمل عواصم أوربا لاجئا .
– الشاعر نزار قباني كان يتشدق بالشعارات الثورية بينما هو موظف دبلوماسي لدى نظام الأسد المجرم.
هذه مجرد نماذج وتوجد عشرات الأسماء من الإنتهازيين من الأدباء والكتاب والصحفيين .
ولابد من الإشارة الى ان الأديب والكاتب الحزبي لايعد من الملتزمين مبدئيا ، فهو مجرد آله ودمية بيد الأيديولوجيا الحزبية سواءا كانت شيوعية أو قومية أو إسلامية .