18 ديسمبر، 2024 5:08 م

افكار الأحزاب التي نشأت في دول الأمة لم تكن ضعيفة أو فارغة , وإنما ذات قيمة حضارية معاصرة , ومصيبتها الكبرى التي حلت بها بسبب القيادات التي تولتها , فحالما تسلطت عليها سخرتها لمصالحها الفردية ولتأكيد أنانيتها ونرجسيتها الفاقعة.
فأحزاب دول الأمة لم تفز بقيادات قادرة على ترجمة أفكارها إلى مناهج عملية ذات قدرة إقتصادية وثقافية صالحة لصناعة الحياة الحرة الكريمة , وما إستوعبت ضرورات البنى التحتية والقوية.
وما تمكن حزب منها الإرتقاء إلى شعاراته ومنطلقاته النظرية , وتقاطعت مع طروحاتها وناقضتها فأودت بحالها إلى أسوأ مآل.
فلو نظرنا الحزب الشيوعي مثلا , وقارناه بالأحزاب الشيوعية في دول متعددة , لتبين أن علته في قياداته التي ما إستوعبت جوهر الفكرة , وتوهمت إن لم تمسك بالكرسي فأنها لن تحقق شيئا , فتحولت إلى طاقة ضد ذاتها وموضوعها , بينما الأحزاب الشيوعية في دول العالم الأخرى , ذات مسيرات تزخر بالمنجزات الكبيرة.
أما الأحزاب القومية والقطرية , فأنها إنتهت إلى ذات المآل , وما قادتها رموز قادرة على التعبير العملي عن أفكارها.
فأحزابنا بأنواعها مشخصنة , ويقودها الجاهلون بتراث الأمة ومسيرتها عبر العصور , فيتخذون من كتاب (الأمير لميكافيلي) منارا لسلوكهم العدواني الجائر على كل شيئ.
وما إتخذوا من رموز الأمة قدوة لهم , بل قدواتهم رموز من بلاد الآخرين , وكأنهم يمثلون نزعة سلوك الحداثة والمعاصرة , التي تسببت بتدمير الأمة وإهلاكها ومحق قدراتها.
وإذا عدنا للأحزاب المؤدينة , فحدث ولا حرج , فهي ضد الوطن والمواطن والدين , وتتلفح بالدين , وتتقنع بالمثل السامية , وخطاباتها ما أبلغها وأطهرها وأتقاها , وأعمالها يستحي منها عتاة أباليس الشرور.
فالأمة لا تنفعها الأحزاب , لأنها تعاني من عاهات قيادية مستفحلة ومزمنة , ولديها نوازع للشخصنة وإخراج الفرد المتسلط على مصيرها من آدميته , والتحليق به فوق أعالي الخيال والأوهام , وإضفاء وشاح القدسية عليه.
فأين الصراط المستقيم , يا أمة الرحمن الرحيم؟!!