19 ديسمبر، 2024 10:02 م

الأتراك قادمون فشدوا الوفاق!!

الأتراك قادمون فشدوا الوفاق!!

صحى الجميع الا المغشية وجوههم بالمصالح الحزبية الطائفية، صحوا على نوايا تركية مبيتة تقترب من القنبلة الموقوتة، حيث الكلام عن تدخل عسكري مباشر في الموصل و ربما استعادة السيطرة عليها بات حديث الساعة السياسية بعد اعلان الرئيس التركي اردوغان عن اعتقاده بأن العراق بحاجة إلى عملية عسكرية مشابهة لعملية “درع الفرات” التي ينفذها في مدينة جرابلس السورية ضد داعش في الموصل، ملوحا بهدفين في وقت واحد .. استعادة النفوذ في الموصل و تحويلها الى أرض معركة ضد حزب العمال الكردي، بغض النظر عن النتائج على الأرض، حيث ستكون هوية الموصل و استقرارها الاجتماعي رهان غير محسوم ، فالمدينة ستكون ساحة مواجهة لأكثر من نفوذ اقليمي و دولي من طهران الى واشنطن و ما بين موسكو وانقرة و الرياض.. بعبارة اخرى تصفية الحسابات على ظهر وحدة العراق و رحم آخوته المتوارثة.
قبل ربع قرن عاقبت الدولة العراقية مجموعة من دبلوماسييها و ضباط مخابراتها لفشلهم في تحليل تقرير اعلامي و استخباري عن المعركة المقبلة لتركيا في العراق و علاقتها بحرب المياه المؤجلة، بينما لم يقرأ سياسيو المرحلة الوجه التركي الا عبر نافذة المصالح الحزبية و الفئوية، فالمحسوبين على أنقرة من تيارات مختلفة قوميا و مذهبيا يجدون في التدخل التركي فرصة لاستعادة الأنفاس و التوازن، بينما الصحيح هو تكرار تجربة الاضطهاد الشعبي بخبز يابس و قناني ماء فارغة..بينما الحالمون بجنة طهران و الرياض يستعدون لجهنم رفض شعبي شديدة اللهب، فالعراق ليس أرضا محروقة و شعبه ليس هجينا من البشر، كسياسيين من كل حدب و صوب لا تجمعهم غير الأموال و تفرقهم نظرة غضب خارجية!!.أنقرة ليست شقيقة لبغداد أو الموصل بل مصدر قلق بسبب تراكم الحسابات منذ 1926 يوم اجبرت بريطانيا الدولة التركية على الانسحاب من الموصل مقابل 10 بالمئة من الودائع النفطية في المدينة لمدة 25 عاما  لتكون الموصل آخر ولاية خسرها العثمانيون في العراق، و ظلوا يحنون لاستعادة السيطرة عليها فصادروا سجلات النفوس و الملكية فيها بعد احتلال العراق، مثلما نسجوا ” بيتا للعنكبوت السياسي”  بتحالفات واسعة في الحكومة و البرلمان على مستوى الاقليم و العراق، حتى أن البعض يروج لفكرة العودة للتبعية العثمانية بسبب قامات صغيرة في الهوية الوطنية.
لن ندخل في التسريبات السياسية و الاستخبارية لجهة دون غيرها في صراع النفوذ الاقليمي قناعة بأن انقرة و الرياض و طهران و واشنطن لا تختلف على المصالح و الأولويات في الموصل على عكس ” الحاكمين بأمر غيرهم” في أربيل و بغداد حيث تنفيذ الأوامر خارج القدرة على ابداء الراي سببه المباشر قلة الحيلة و انعدام المشروع الوطني.
نسمع و نقرأ عن سيناريوهات مقلقة عن تحرير الموصل و يصل الخوف حد قطع النفس عندما يرهن سياسي المساومات مستقبل المدينة بتحالفات خفية و مشؤومة مع انقرة او الرياض و طهران و واشنطن و غيرها من عواصم لا تشكل وحدة العراق بالنسبة اليها أولوية من مختلف الدرجات، ما يستدعي موقفا شعبيا رافضا لبيع العراق بالتقسيط من سياسيين لا يجمعهم غير الكسب عدا و نقدا، لذلك يطئطئون الرؤوس كلما أحمرت عيون صناع القرار الاصليين خارج العراق.. الحج الى أنقرة لا يختلف عن زيارة طهران و تبويس اللحى في الرياض نتيجة طبيعية لعصا واشنطن الغليظة و الثمن هو وحدة العراق و سيادة شعبه.
واذا نحن نفهم هذا التنافس على النفوذ من قبل تلك العواصم فان العمل جهارا لكسر المعنويات يمثل خيانة للعهد و نكوصا عن القيم و المباديء التي يدعي سياسيون الدفاع عنها بينما يوقعون اتفاقيات لذبح وحدة الموصل و آخوة آهلها.. هذا الانبطاح السياسي للكثير من المسؤولين العراقيين يعد كافيا لاحالتهم الى القضاء بتهمة الخيانة العظمى.. تحرير الموصل من داعش أو غيرها مسؤولية عراقية بأمتياز فنحن لا نريد الاستعاضة عن داعش باستعمار جديد، مثلما يرفض العراقي تكريس الهزيمة في النفوس لأن سياسيين لا يهمهم غير نهب أموال العراق حتى لو تم صرفها من حسابات البنك المركزي التركي أو تومات ايران و ريالات السعودية!!
لن تذرف انقرة و لا طهران ولا واشنطن أو الرياض وغيرها دموعا على وحدة العراق و عروبة الموصل، ولن يهتز كرسب المسؤولية في العراق مخافة من الله للتفريط بحق الوطن و آهله، لذلك فالمسؤولية تقع على عاتق شعب العراق لاسماع كلمته بكل الوسائل لأن ضياع عراقية الموصل يعني استباحة كركوك و كربلاء و البصرة، فالذي يتوهم أن النار ستتوقف في هشيم الموصل لاسامح الله، فهو من المقلدين الملتزمين لذكاء الحرباء.. فليشد العراقيون الأحزمة على البطون و يعدلوا عقال الرأس لرفض بيع الموصل بأجندات سياسية كانت سببا لاحتلالها من داعش في صفحة ربما تكون بداية الاتفاق على تقسيم العراق ضمن توافق اقليمي تفوح منه كل روائح الغدر ضد العراق الواحد المستقر.
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات