23 ديسمبر، 2024 1:36 ص

الأبناء صنع الآباء

الأبناء صنع الآباء

الهدف الحقيقي من تربية الأولاد حتى يقوا أنفسهم من نار جهنم أولاً ويسعدوا في هذه الدنيا نتيجة حتمية ملازمة للغاية الأولى وإنهم الامتداد الطولي الحقيقي للآباء الذي يدعوا لهم ثانياً بالإضافة الى بناء مجتمع يتحلى بالأخلاق الفاضلة التي تفرز الحياة السعيدة لهذا المجتمع  قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه (( يا ايها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما آمرهم ويفعلون ما يؤمرون)) قال أمير المؤمنين لولده الإمام الحسن (عليهما السلام) (وجدتك بعضي بل وجدتك كلي) ، الأبناء عبارة عن عجينة بيد الآباء كيفما يشاءوا يصنعونها على شرط تهيئة الأجواء والعوامل التي تحتاجها الغاية التي يريد الوصول اليها الآباء من خلال تربية ابناءهم ، ولكن توجد قواعد عقلية يفرضها العقل والمنطق والأصول والعرف وتكون المنطلق لكل غاية ينشدها الاباء من التربية ، وهي إبعاد الأبناء عن الثقافة الخاطئة والسلبيات والأخطاء التي وقع بها الآباء ، لأن كثيراً من الآباء قد وقعوا في سلبيات وأخطاء لم يستطيعوا اجتنابها نتيجة الظروف التي أحاطت بهم ولكن حصدوا في الدنيا وسيحصدون في الآخرة النتائج الوخيمة لفعل هذه الأخطاء والسلبيات كالكذب والخديعة والنفاق والبغض والحسد وغيرها من الصفات التي ينبذها الشارع المقدس والشارع الدنيوي قال أمير المؤمنين عليه السلام (وأيم والله إنها نفسي أروضها على التقوى) ، والتربية تارةً تكون بصورة مباشرة من خلال التوجيه والوعظ والنصيحة وطرح المعارف وتارةً تكون بصورة غير مباشرة من خلال الفعل والحركة والكلمة التي يقوم به  الآباء وهذا ينطبع في مخيلة وعقلية وذاكرة الأبناء من غير أن يعي لها الاباء ، كأن يتلفظ بكلمات بذيئة مع من يحيط به من أعضاء الاسرة كالزوج أو الزوجة أو الأولاد أو من خارج هذا المحيط كالأقارب أو الاصدقاء وهذه الكلمات تأخذ مكانها في عقلية الأبناء وذاكرتهم ويقوم التلفظ بها من غير أن يعيوا معناها او وقت ومكان التلفظ بها أو مع من يتلفظوا بها ولكنهم سمعوا ابائهم قد تلفظوا بها وهم قدوتهم ومصدر تعلمهم ولهذا سوف تصبح من ضمن الكلمات التي تختزنها ذاكرتهم ، ولهذا أغلب ما يتفوه به الأبناء هو نتاج وانعكاس لما يسمعونه في بيوتهم ؟؟؟؟؟ ، وكثيراً من الأفعال قد تعَوَّد على فعلها الآباء كالكذب والخديعة والنفاق وغيرها من الرذائل ولكنهم يخفونها عن المجتمع لكونها رذيلة ولكنهم يتصرفون بها ويظهرونها من خلال كلماتهم وأفعالهم وحركاتهم في بيوتهم لأن المجتمع لا يراهم ولا يسمعهم ولكن الأبناء الذين يرصدون هذه الأفعال القبيحة وتسجلها ذاكرتهم من غير ان يعيوا قال أمير المؤمنين لولده الإمام الحسن (عليهما السلام) (إنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما أُلقي فيها من شيء قبلته فبادرتك بالأدب قبل أن يقسوا قلبك ويشتغل لُبُك) ، كأن يتصل شخص ما بالتلفون ويريد التحدث مع أحد الأبوين والأخير لا يريد التحدث معه ، أسهل طريقة للتخلص من هذه المكالمة المرفوضة هو لجوء الأب أو الأم الى الأبناء ليخبروا المتصل بعذر كاذب وهكذا قد زرعوا الكذب في عقلية وذاكرة الطفل بطريقة عفوية ومنها سيخرج ابناء كاذبون وقد قيل ( من أستحلى رضاع الكذب عسر فطامه)  ومثله المخادعون والمنافقون ، وفي المقابل زرع كل طيب وحسن من كلام وأخلاق في ذاكرة وعقلية الابناء من خلال إجبار الآباء أنفسهم على فعل الأخلاق الحسنة والكلام الطيب والعمل الصالح في البيت أو الشارع  حتى يتشرب بها الأبناء وتظهر في افعالهم وكلامهم ويخرج منهم العالم كالشيخ الأنصاري والمؤمن الصالح كالغلام الذي استشهد في واقعة كربلاء مع الإمام الحسين عليه السلام الذي استشهد اباه في الحملة الأولى  قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)(أكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم) وقال الإمام الصادق عليه السلام ((لا يزال المؤمن يورث أهل بيته العمل والأدب الصالح حتى يدخلهم الجنة)) و قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)( ما نحل والدٌ ولده أفضل من أدب حسن) وقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)( أدبوا أولادكم على ثلاث خصال : حب نبيكم وحب أهل بيته وقراءة القرآن) ، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) ( علموا صبيانكم من علمنا ما ينفعهم الله به لا تغلب عليهم المرجئة برأيها) وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) (أدب صغار أهل بيتك بلسانك على الصلاة والطهور).

  وغيرها من الأحاديث التي تدفع الاباء للتربية الحسنة وأهم ما يربي الاب ابنه عليه وهو حسن الخلق وعلوم اهل البيت عليهم السلام حتى ننتج جيل يحمل الأخلاق الفاضلة التي يسعد بها في الدنيا ويقي نفسه من نار جهنم ويفوز بالجنان في الآخرة لأن الأبناء صنع الاباء فاجتهدوا في صناعة أبناءكم حتى يدعوا لكم ويذكركم الناس بالذكر الحسن قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) (إذا مات ابن آدم أنقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) .