اليوم أصبح من حقنا نحن العراقيين أن نلطم مرتين : الأولى عندما كنا سببا في قتل الإمام الحسين عليه السلام ، ونحن من خذلناه وسلمنا رقبة الرجل للأقدار ، بعد إن إطمئن على دعواتنا له قبل مئآت السنين ، لكن ما إن وصل ارض العراق، حتى رفع الكثيرون بوجهه السيوف، وأردوه قتيلا..وبدأنا الان نبكي عليه،ونلطم مع اللاطمين!!
وفي الثانية يلطم العراقيون اقدارهم لأنه من كان يدعي انه من (أنصار الإمام الحسين) قد ضيعوا العراق ، وقسموه الى شعوب وقبائل متناحرة ، وراح الإخوة الكرد يعلنون دولتهم ، رغم أنف ساسة التحالف الوطني ، الذين يتحملون امام الله والتاريخ مسؤولية تقسيم العراق وضياع مستقبل البلد ، حتى ان هذا البلد الذي كان إسمه العراق لم يعد كذلك بعد الآن ، ولم يعد واحدا موحدا كما كان..وكل من يدعي خلاف ذلك فهو إما غارق في الأوهام او يغرد في أسراب أخرى!!
من المؤكد أن الإمام الحسين (ع) لايقبل ان يصبح مصير العراق على هذا المنوال، وهو الذي حلم أن تكون ارضه مسرحا لوحدة العرب وليس فقط وحدة العراق ، التي طرحت مؤخرا مع بدايات الاحتلال الامريكي للعراق بعد عام 2003 وما بعده ، ولم تعد وحدة العرب والمسلمين هي الهدف المنشود بعد ان باع الكثيرون عروبتهم في المزاد العلني ، بالرغم من أن اهل البيت عليهم السلام ، ما تخلوا عن عروبتهم في أشد حالات إشتداد الوغى وضنك الزمان!!
كان الإمام الحسين عليه السلام يتشرف بحمل راية العروبة ، واليوم أصبحت العروبة (تهمة) ومن ينادي بها يتعرض لسهام الغدر ، ويسفك دمه هدرا أمام الملأ، لأن هناك من سرق شعارات الإمام الحسين وهو من الأغراب، وراح يدعي ظلما نسبه اليه، وهو براء من كل الخارجين عن العروبة ومن كانوا من خيرة المسلمين الذين مابخلوا يوما في تقديم أنفسهم قرابين من اجل أن تنتصر القيم العليا ومباديء الاسلام ، حتى نالوا شهادة الدارين، وهو الذي كان يفتخر بأنه عندما حمل رايات العروبة مزهوة بأكاليل الغار ، فهو يتفاخر بأنه يقدمها للعالم على انها نموذج الخير والسلام والصلاح والإصلاح للبشرية جمعاء!!
أجل اليوم نلطم على أقدارنا مرتين .. ولا ندري هل هي الاقدار قد فرضت علينا ان نرتدي ثياب الحزن، ونذرف الدموع ونشق الثياب ، ونتأسى بماضينا التليد ، الذي ضاع من بين ايدينا، حتى ضيعنا المشيتين كما يقال..ولم نعد داعمين لأهل البيت ولا نمتثل لخطاهم وقيمهم، بعد ان بعنا تلك القيم بثمن بخس دراهم معدودة..حتى ان أحد سلاطين ذلك الزمان قد قال قبل عشرات السنين انه : سيأتي اليوم الذي يصبح فيه دينكم دنانيركم..وهكذا اصبحنا حقا وحقيقة..وراح كل منا يقتل أخاه من اجل حفنة دولارات لاتغني ولا تسمن!!
لم يكن الإمام الحسين عليه السلام يدرك أن أهل العراق يخذلونه مرتين: مرة لأنهم قتلوه وسفكوا دمه في الأشهر الحرم..وفي أخرى عندما ضيعوا بلدهم، وشتتوا أوصاله، تحت عناوين الطائفية والمذهبية، واقاموا متاريس للحرب وللضغائن ، وأشاعوا الاحقاد ، ليس ضد الاعداء ، ولكن ليسوموا ابناء جلدتهم سوء العذاب!!
أجل ..هكذا نحن الان نلطم على أقدارنا مرتين..بعد إن تبرأ منا الإمام الحسين!!