18 ديسمبر، 2024 6:43 م

الصراع ما بين المليشيات المسلحة تبعية الأحزاب من اجل تأخير تشكيل حكومة عراقية قادمة .!.
مما يطرح اليوم على تشكيل حكومة بغداد وبرلمان عراقي خامس جديد العديد من علامات الاستفهام حول طبيعة عدم إشراك خصوم دولة ايران في المراكز العليا في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة .. القرار السياسي هذا التوجه ، والأهداف الكامنة من ورائه , لا نعتقد أن الحكومة العراقية القادمة تقدم على عملية التطبيع الدبلوماسي هذه مع الشركاء السياسيين من غير كتلته طالما اتهمتـــــها بالطائفية وطمس عروبة العراق ، بمحض إرادتها ، وبناء عل قناعة راسخة ، وإنما تلبية لأوامر أمريكية صارمة في هذا الصدد .. فالرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن مارس ضغوطا مكثفة على كبار السياسة وقادة العراق من خلال اللقاء الخاص المغتضب في واشنطن قبل أشهر قليلة لإعادة فتح مع شركائه السياسيين العراقيين .. تحت ذريعة عدم أخلاء الساحة لإيران ، وبذل كل جهد ممكن لمواجهة نفوذها المتزايد . السؤال الذي يطرح نفسه هو عما إذا كانت عملية التطبيع العراقي العراقي المتسرعة مع حكومة بغداد ستحقق هذا الهدف ، وتضع حدا للنفوذ الإيراني ، الإجابة بالنفي طبعا ، لان الحكومة العراقية الحالية أصبحت اليوم خارج كل المعادلات السياسية في المنطقة بأسرها ، وتحولت إلى أداة طيعة في يد السياسات الأمريكية في القرار والإيرانية في التنفيذ . حكومات تقاد مفتوحة العينين إلى حفرة الفشل الأمريكي العميقة ، ودون أن يكون مسموحا لها بالحد الأدنى من النقاش ولا نقول الاعتراض , فالعراقيون الذين يصرخون من النفوذ الإيراني المتزايد في العراق هم الذين يتحملون المسؤولية الأكبر في هذا الصدد ، عندما تواطئوا في معظمهم مع الحصار ومن ثم الغزو والاحتلال الأمريكيين لهذا البلد ، وعندما فتحوا أراضيهم وأجواءهم للقوات والطائرات الأمريكية لإطاحة بنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ، وتسهيل الاحتلال وتسليم البلد لحلفاء إيران المتعاونين مع المخطط الأمريكي الدول العربية اقصد الخليجية منها ستلغى حتما الديون العراقية كليا أو جزئيا ، لان أملاءات أمريكية صدرت إليها في هذا الصدد وطلبات أمريكا لا ترد للأسف ، الأمر الذي يجعلنا نفترض أن هذه الدول نفسها التي استفزت العراق وقيادته عام 1990 عندما باعت ديون العراق نفسها لشركات تحصيل أجنبية ، ورفضت إلغاء الفوائد عليها ، أو تقديم إي مساعدات مالية لحكومته الخارجة لتوها من حرب استمرت ثماني سنوات مع إيران ، لمنع وصول الثورة الإيرانية إلى سواحل الخليج الغربية ، فعلت ذلك بأوامر أمريكية أيضا ، وللإيقاع بالنظام العراقي في مصيدة الكويت التي أعدت بإحكام من قبل واشنطن ، لاستخدامها ذريعة للإطاحة به بعد أن تناغمت وتناملت قوته العسكرية بشكل يمكن أن يهدد الهيمنة الأمريكية عل المنطقة الغنية بالنفط واحتياطاته . النظام العراقي السابق كان يحتاج لشطب الجزء اليسير من ديونه ، حتى يتمكن من الاقتراض من البنوك العالمية ، بعد أن أدار له الأشقاء ظهورهم ، ورفضوا توسلاته لمساعدته ماليا بل ذهب بعضهم إلى ما هو ابعد من ذلك عندما اغرقوا الأسواق العالمية بكميات زائدة من النفط هوت بأسعاره إلى معدلات قياسية لمضاعفة ضائقة المالية والاقتصادية السفراء العرب الذين سيذهبون إلى بغداد سيكونون بمثابة شهود زور ، يقبعون في سفارات أشبه بالثكنات العسكرية ، يتوقعون الاغتيال في أي لحظة مثلما حدث لزملائهم الجزائريين والمصريين والأردنيين ، وستظل حركتهم محصورة في المنطقة الخضراء فقط في أفضل الأحوال ، ولا نعتقد أن سفراء في مثل هذا الوضع سيكونون أهلا لأداء مهمتهم التي جاءوا من اجلها، أي مكافحة النفوذ الإيراني المتزايد هذا أذا لم يصبحوا احد ابرز ضحاياه . إيران دولة مؤسسات ، وتملك مراكز دراسات ، وأجهزة مخابرات قوية ، تستشرف المستقبل ، ولهذا خرجت الرابح الأكبر من الغزو الأمريكي للعراق ، لان معظم الميليشيات والقيادات السياسية الحاكمة تربت في طهران وتغذت من مساعداتها ، وتدربت ميليشياتها في ثكناتها بينما كانت الحكومات العربية منخرطة في المشروع الأمريكي ، وتتآمر على العراق . لتكتشف أنها بلا حليف ، ولا وجود في العراق الجديد الخطأ نفسه يتكرر للمرة الألف ، فخطوات التطبيع العربية مع حكومة بغداد تتم بشكل فردي وليس في إطار إستراتيجية عربية مشتركة تملك رؤيا وآليات عمل ، والأخطر من ذلك كله انه تطبيع مجاني ، ودون أي مقابل , اغلبية قادة العراق اليوم سيتردد كثيرا في التنصل من ولائه لإيران من اجل الانضمام إلى المعسكر العربي الذي طالما احتقره ، وجعل تصفية هوية العراق العربية على قمة أولويات حكومته ، عندما تبن قانون اجتثاث وتجريم البعث وإبعاد عناصر الأمن القومي الوطني العراقي من إفراد الجيش والشرطة والأمن والاستخبارات والقصد تجريم أهل السنة في العراق ومساعدة السنة التابعين لحزبه نقصد سنة ايران فقط ، وتعينهم في كل مؤسسات حكمه على أسس طائفية صرفة ، وغض النظر عن جرائم الميليشيات الطائفية في حق الأبرياء ومن يتأمل خريطة العراق الحالية الثقافية والسياسية والإعلامية يمكن أن يكوّن صورة واضحة عما يعزز هذا التوجه .نفهم أن يتم شطب الديون العربية هذه لو كان العراق فقيرا أو حتى دولة مستقلة ذات سيادة ، ولكنه ليس كذلك ، ويعوم عل ثروة نفطية هائلة ، ولا نعتقد أن الشعب العراقي سيستفيد من هذه الخطوة ، ولذلك لن ينظر إليها بعين التقدير. لان هذا الشعب الذي تعرض إلى اكبر خديعة في التاريخ الحديث ، ير ثرواته تُنهب في وضح النهار ، وبلده الأكثر فسادا عل وجه الكرة الأرضية ، وحكامه الجدد وإتباعهم نهبوا حتى الآن وحسب التقارير الأمريكية نفسها ، أكثر من 25 مليار دولار ، وهناك من يؤكد أن الرقم أضخم من ذلك بعدة أضعاف . الأموال العربية لا يجب أن تذهب إلى حكومة بغداد ، أو أي من لصوص بغداد الجدد ، وإنما إلى ضحايا الاحتلال الأمريكي من أبناء العراق الذين يعيشون حاليا في منافي دول الجوار ولا يجدون لقمة العيش ويتزاحمون أمام مكاتب الأمم المتحدة بحثا عن فرصة للهجرة إلى أوروبا وأمريكا . الحكومات العربية تتخبط ، وتبدو هائمة على وجهها في صحراء الأمريكي، تجلس عل اكبر ثروة من نوعها في التاريخ ومع ذلك لا تملك أي كلمة أو تأثير لا في محيطها الجغرافي ، أو الدولي ، وإذا امتلكت هذا التأثير فيكون في المكان الخطأ، وبما يتعارض مع المصالح الإستراتيجية العربية , هذا التطبيع المجاني وما يرافقه من كرم حاتمي غير مسبوق مع حكومة لا تستحقه هو تشريع للاحتلال الأمريكي، وكل إفرازاته الطائفية ، وهذا ليس جديدا على حكوماتنا العربية عل أي حال .. ولله .. الآمر.