22 ديسمبر، 2024 11:28 م

الآثار الجانبية لمقالب الاعلام

الآثار الجانبية لمقالب الاعلام

من مستجدات الاعلام الترفيهي ان صح التعبير هو خلق مواقف يعاني فيها بطل الموقف( قد يكون عابر سبيل) من خوف او قلق او غيرها من العواطف المختلقة ( سلبية او ايجابية) واحيانا هذه المواقف تقفده صوابه ويقوم بافعال تضحك المتلقي ( الجمهور) واحيانا اخرى تؤدي الى حدوث ما لا يحمد عقباه ابسطها التفوه بالمحرمات او اقساها انتحار او اطلاق نار او اشتباك او سكتة قلبية او غيرها. والغاية من هذا كله ترفيه المتلقي على حساب بطل الموقف الذي هو عادة الانسان العادي(The man of the street ) او من المشاهير ( A celebrity)سواء اكان فنانا او رياضيا او غير ذلك.
وعبر الزمن شهد الاعلام الترفيهي تطورات كبيرة وبرز العديد من رواده الكبار وساهموا في اسعاد الجمهور بطرق مختلفة. ففي القرن الماضي كان الاعلام الترفيهي لايخرج الى الشارع بل كان يقتصر على ممثلين حقيقين وكان بصيغتين : مرئي فقط ( (Visual كما هو الحال في اعمال شارلي شابلن في امريكا و بني هيل في بريطانيا ولو ان الاخير مصحوب بالموسيقا السريعة الوقع . والصيغة الثانية المرئي – المسموع ( Audio-visual) من امثال اعمال الثنائي البريطاني (ذي تو رونيز) على سبيل المثال لا الحصر. كما برز في القرن الماضي ايضا كوميديون فكاهيون يقدمون عروضهم كل لوحده على خشبة المسرح او قاعة العرض. يقودنا هذا التسلسل الزمني الى زمن المقالب حيث يتم اشراك غير الممثلين في تقديم العرض وايهامهم بمواقف المقصود منها اضحاك الجمهور .
في هذه الحالة يسرق من بطل الموقف وقت من يومه فيه يصبح في ذروة اشتداد عواطفه حزنا او فرحا او غيرها من العواطف الوهمية المختلقة تجعله في موقف لايحسد عليه ابدا ويحير في تدبير امره ويكون ذلك موازيا مع تصرف مدير الموقف ( الاعلامي ) تصرفا يتسم بالجدية بشكل متقن يجعل بطل الموقف يصدق ما يجري ولا يساوره ادنى شك في صدق الموقف وجديته. وقد يساعد هذا المدير( الاعلامي) بعض المشاركين المتعاونين في جعل هذا الموقف جديا.
بعدها تسوق هذه المواقف بشكل منتج اعلامي كما شرحنها التي تصور في اغلب الاحيان لحظات تعاسة مريرة مر بها بطل الموقف لكنها تثير ضحك المتلقي من عموم الجمهور وتفك اسر بطل الموقف في النهاية وتفرج عن محنته . لكن احيانا تثير استهجانا واستنكارا وان لم نقل ادانة من جمهور المتلقين المثقفين لاحساس هذه الفئة الاخيرة بوضاعة العمل وتجاوزه على انسانية المرء. وفي بعض الاحيان المؤسفة جدا تؤدي الى فقدان ارواح وتيتيم اطفال وترمل ازواج لاشيئاء تافهة.
هذه المواقف مألوفة ومعروفة لدى المتلقي ( مقالب الكاميرا الخفية ) تلفزيونيا ولكن من بينها هناك مواقف خطرة تودي بحياة المرء مثلا المقلب ال (Prank ) الذي يتضمن اتصال مباشر على الهواء في اواخر 2012 من مقدمي برامج من هذا النوع في محطة اذاعة من محطات ال (FM ) الاسترالية عندما اتصلا بممرضة ليلية في احدى مستشفيات لندن مدعين انهما من كبار افراد العائلة المالكة (الملكة والامير تشارلس) مستفسرين عن حالة مريضة في المستشفى من كبار افراد العائلة الملكية(دوقة كمبردج ) وقد قلدا الاعلاميان اصوات الملكة والامير بدقة . وقد قامت الممرضة الليلية بتحويل الاتصال الى الممرضة المسؤولة عن المريضة حيث احست الاخيرة المقلب وبعدها ثلاثة ايام وجدوا الممرضة الليلية منتحرة لانها شعرت بانها تتحمل المسؤولية بتحويل المكالمة الهاتفية وعدم مراعاة الامور الامنية اولا كما تبين ذلك من خلال الايميلات التي ارسلتها الى زميلاتها قبيل انتحارها . هذه بعض من الحالات المحزنة والمؤسفة وهناك ما خفي اعظم.
ما اردنا قوله هو في اي عمل اعلامي يتطلب من اصحاب العمل اجراء حسابات دقيقة لما قبل واثناء وبعد تقديم المنتج الاعلامي الذي قد يؤدي الى اعراض جانبية خطيرة كان يمكن تجنبها. وفي نفس الوقت تثقيف المتلقين عموما من الجمهور الذي يميل الى برامج الفكاهة بعدم التعامل بجدية مطلقة مع المنتج الاعلامي وتنبيهه كتابة او صوتا او صورة بالابتعاد عن ايذاء الذات او الاخرين بعد استهلاك المنتج. وكذلك تجنب اقحام المرء في مواقف حساسة مثيرة .