لم يك التاسع من نيسان عام 2003 حدث عابر في حياة بلد مثل العراق “قال بحقه بول بريمر في كتابه عام قضيته في العراق ، ولأنني عشت هنا عرفت لماذا كانت بلاد ما بين النهرين منذ آلاف السنين مهدا لأفضل ما في تاريخ الإنسانية ” ، وإنما كان يوما أريد من خلاله إعادة هذا البلد إلى أيام ما قبل التاريخ ، في حرب أتت على الأخضر واليابس ، وتركت آثارها على تفاصيل حياة مجتمع ابتلى بشخص نزق خاض به حروبا كانت آخرها أكثر ضراوة عليه ، فلقد سقط بسبب الاحتلال ما يزيد على نصف مليون شهيد ، وبلغ عدد أيتام العراق ما يزيد على 5 مليون يتيم ، وأن عدد الأرامل ناهز الملايين الأربعة ، وأن نسبة البطالة تناهز 40% ، في الوقت الذي يرى فيه الاقتصاديون أن نسبة البطالة ( ال12% يعني دق ناقوس الخطر) وان نسبة الفقر بلغت 35% عام 2017 . وإن 70% من نساء وبنات العراق خارج التعليم ، وأن 54% من الطلاقات سببها الفقر والفاقة في العراق ، كما وان 50% من تلامذة المدارس يعزفون عن مواصلة الدراسة ، أما فساد المسؤولين فقد أوصل العراق إلى مرتبة 168 من اصل 176 دولة فاسدة .
إن النسب الشاذة في تفاصيل حياة العراقيين أصبحت تدمي القلوب إلا قلوب قادة الدولة المحتلة والمسؤولين التابعين لها. وإن الآفات الاجتماعية الناتجة عن الفقر مثل الاتجار بالنساء وإلبغاء والأعضاء البشرية ، أصبحت تفتك بالبلد ، وتخلف آفاتا اجتماعية أخرى ، ولو أضيف اليها نتائج الإرهاب وبلاويه لكانت النتائج مفزعة ، فهل يعلم المسؤول ، ويفهم انه هو قبل الدولة المحتلة هو المسؤول عما يجري في العراق لأنه هو من شجع الدولة المحتلة على الاحتلال ، وأن الفقر الذي شاع بين الناس بسبب استحواذه هو قبل المحتل على المال العام ، سيكلف ويولد أمراضا اجتماعية يصعب تجاوزها لأنها ستتاصل وتتجذر وتصبح من السلوكيات المعتادة ، فعلى كل عراقي يريد إنقاذ بلده من هذا الواقع المؤلم أن لا يصوت بعد اليوم إلا لمن هو معروف ونزيه ولا يقبل بالاحتلال الذي سبب كل هذه الآثام. ..