لا اظن ان مؤسسة نيابية في العالم كله بمثل مؤسستنا النيابية استهانة بقدرها واستخفافاً بهويتها وتفريطاً بهيبتها ومن يرى خلاف ذلك، عليه ان يجد تفسيراً لتفاقم ظاهرة انحدار مستويات بعض المرشحين وهزالة مؤهلاتهم، واصرار الفاشلين على الترشح ممن تنطبق عليهم مضامين قاعدة الجهل او الجهل المركب… ولنا ان نتساءل هنا لماذا يصر نائب سابق لم يحضر عدا جلسة واحدة او جلستين على معاودة الترشح؟ ولمذا يصر آخرون على الترشح على الرغم من كونهم لم ينبسوا ببنت شفة ولو لمرة واحدة طيلة دورة او دورتين..؟؟ وكيف يصر من فشل في الميدان التنفيذي بشهادة الجميع على تجربة الخوض في المجال التشريعي رغم خطورة وحساسية هذا المجال؟
وتساؤلات اخرى نعتقد ان المؤسسة التشريعية عندنا معنية قبل غيرها بأيجاد الحلول لها، وهذا الاعتقاد لا يبرئ الناخب نفسه من مسؤولية المساهمة بترسيخ هذه الظاهرة من خلال عدم الاهتمام بمسألة لمن يجب ان يعطي صوته… المؤسسة التشريعية في بلدنا مطالبة اليوم اكثر من اي وقت مضى في الانتصار لمسؤولياتها وحماية هويتها وتحصين مهابتها بتشريعها لقانون – وهي ام التشريع – يتضمن استحداث مؤسسة واجبها وضع ضوابط ومحددات امام من يرغب بالترشح لمعرفة برنامجه الانتخابي فيما اذا يتضمن تشخيصاً حقيقياً لأبرز مشاكل ومتطلبات الشعب العراقي، ومدى قدرته في تنفيذ هذا البرنامج، فضلاً عن اختبار مؤهلاته وقدراته الفكرية.. كتقليد تعمل به اغلب المؤسسات الحريصة على ادائها حتى تلك التي لا ترقى بأي حال من الاحوال لمستوى مجلس النواب.. واخذ تعهد خطي منه بتضمينه مبلغاً مناسباً فيما لو فشل في الحصول على مستوى معين من الاصوات او منعه من الترشح ثانية او الخيارين معاً، على ان تعلن اسماء هؤلاء وعدد الاصوات التي حصلوا عليها للرأي العام، بما تدل عليه هذه الظاهرة من سوء تقدير لدى المرشح في استقراء مساحة تأثيره وحجم التأييد له وبما لا يؤهله حتماً للجلوس تحت قبة البرلمان لمناقشة وتقرير مصالح الناس.. ومن اجل الا يتحول مجلس النواب العراقي الى ميدان للمغامرين والفاشلين، وبخلاف ذلك لاتستغربوا يوماً ان لم يُصوَت على قانون مهم مثل قانون الموازنة العامة بسبب عدم تحقق النصاب لأن السادة النواب منشغلون في الكافتريا يستمعون مقهقهين لأحد زملائهم يحكي لهم نكتة “بايخة” عنوانها ” اكو فد واحد”…