22 ديسمبر، 2024 11:42 م

اكثر من ٤٠٠ شهيد و٢٠ الف جريح، ثمن باهض للسوداني

اكثر من ٤٠٠ شهيد و٢٠ الف جريح، ثمن باهض للسوداني

هل يعقل ان ثورة تشرين دفعت نحو 473 شهيداً و 22 الف جريح منذ انطلاق التظاهرات في مساء يوم الثلاثاء ١ / ١٠ / ٢٠١٩، فقط من أجل اعادة السلطة الى حزب الدعوة ممثلا بتوافق شبه نهائي على تسمية محمد شياع السوداني، المعروف بأنه رجل المالكي، خلفاً للمستقيل عادل عبدالمهدي.

كوميديا او تراجيديا؟ نضحك او نبكي؟

كانت تسمية عبدالمهدي انجازاً من نوع ما، ليس لأنه كان المخلِّص او لان بيده عصا موسى التي سوف تلقف أفاعي القتل وثعابين الفساد وتبطل ألاعيبهم، وانما كان انجازا لأن اختيار عبدالمهدي سحب بساط الحكم من تحت حزب الدعوة الذي هيمن على البلد لأكثر من ١٢ سنة شهد خلال حربا أهلية وضياعا للثروة واحتلالا ارهابياً لا مثيل له، أهلك الحرث والنسل في ثلث البلد، بل تسمية عبدالمهدي سحب البساط من تحت المالكي نفسه الذي حاول، دون ان ينسى مرارة منعه من الدورة الثالثة، كل الجهود الممكنة، بدعم قوي من ايران، فرض محمد شياع السوداني خلفاً لغريمه المنصرف وقتها، حيدر العبادي.

لم ينسَ السيد السوداني ايضا، على مايبدو، كيف ان عبدالمهدي أزاحه عن المنصب في اللحظة الأخيرة، فوضع ثقله خلف المظاهرات وقام بتوجيه رسالة إلى المحتجين في الساحات والميادين، لافتاً إلى أهمية الصبر والمطاولة، لتحقيق الأهداف، وذلك موقف تحريضي متناقض لأحد رجال السلطة والدولة البارزين، ثم راح في مقال كتبه لاحدى الصحف يقول ان اقالة الحكومة كحلقة اخيرة في هذه السلسلة ستكون شيئا لابد منه لإعادة الاعتبار الى الانتخابات وكل مظاهر الدولة، لقد تدهورت هيبة الدولة وانهارت معها هيبة القانون ولم يعد بإمكان الحكومة الحالية استعادتها، فلابد من تشكيل حكومة جديدة.

مع ذلك يبقى الملمح الأبرز في شخصية محمد شياع صبار حاتم السوداني، انه رجل المالكي. سيرة السوداني لا تنطوي على اي مواقف نضالية او تاريخية معتبرة وذات قيمة تؤهله لهذا المنصب. السوداني شخص اكثر من عادي، بل انه يعتبر احد الأمثلة النادرة “لسماحة ” نظام صدام حسين، إِذ بالرغم مما يقال عن إعدام والده وخمسة من أفراد عائلته بتهمة الإنتماء الى حزب الدعوة في مطلع الثمانينيات الماضية، وبالرغم من مشاركته المزعومة في الإنتفاضة الشعبانية التي كان النظام يسميها صفحة الغدر والخيانة، وهو زعم يفتقر الى المصداقية لأنه كان في ذلك الوقت طالبا في جامعة بغداد واكمل دراسته بشكل طبيعي وتخرج من كلية الزراعة في العام التالي ١٩٩٢ بدون مشاكل، بالرغم من هذين الموقفين الكفيلين بنبذ نسل ونسب أية عائلة عراقية الى الدرجة التاسعة، فإن ذلك لم يمنع السوداني من إكمال دراسته الجامعية، ولم يمنعه ايضا من التعيين لاحقاً في دوائر الدولة وتقلد مسؤوليات عدة منها رئاسة شعبة زراعة كميت وعلي الشرقي قبل ان يصبح المهندس الزراعي المشرف على البرنامج الوطني للبحوث مع منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة، وهو تمثيل ما كان ليحصل عليه في ذلك الوقت الا البعثيون الذين يثبتون كفاءتهم وانتماءهم الحزبي.

أما عن اعلان السوداني حول محاربة الفساد في وزارته واستعادة الاموال من المفسدين والحفاظ على الثروات فإن الخبثاء يقولون ان السوداني، على مايبدو، ممن يصدقون اكاذيبهم ، فوزارة العمل والشؤون الإجتماعية أصبحت، كما يقول المطلعون على الحال، وزارة العمل والشؤون “السودانية” من كثرة اقاربه وابناء عموته الذين عينهم في مفاصل الوزارة وشيوع بيع المناصب فيها.