18 ديسمبر، 2024 8:12 م

إن أي كلام عن التحسن في أي مجال هو كلام نظري لن ينتج شيئا ما لم يتحقق الاستقرار واللحمة المجتمعية والوضع الأمني المستقر وهذا الأمر يحتاج الى العناية بتفاصيل وخيوط سائبة، فالمدنية تحتاج الى أسس لتكون منصة ارتقاء والاستقرار هو الأساس ، وهو كلمة عامة تشمل البنية المجتمعية وإصلاح المؤسسات والإدارة ووضع ايدلوجيا يسعى الجميع لتحقيقها من خلالها تبنى الخطط وتدعم القطاعات وتكون الرفاهية كأحد مخرجاتها وهذا يحتاج الى ارتقاء بالتعليم ودعم الثقافة العامة والتطلعات نحو الحركة بلا محددات معيقة، عدى هذا يصبح كل ما نقوله أو سنقوله مجرد أماني ورغبات ليس لها سبل ولا مؤسسات لتحقيقها.
الاستقرار وبلورة شخصية للدولة ومؤسساتها سيبنى بالتالي وهو ذاته طريق التقدم التي تتوسع وتنفتح مجالات النهضة بتشكيل الأمة ثم بتكوين الدولة المستقرة.
الاعتماد على النفط من غير استثماره لن يحسن الاقتصاد ولا يزيد من قوة الدينار، بل هو تدهور غير منظور وكل ما يعالج به كصبغ خشب يأكله السوس، من اجل هذا يجب أن يستثمر النفط والموارد الأخرى كعائدات الجمارك والجبايات ليس بتعظيم الجبايات وإرهاق المواطن بل بانسيابيه بشكل يريح المواطن لينسجم مع الدولة وخططها ويكون جزء من خطتها ولا يعتبر الدولة كإقطاعي أو سرگال يريد استعباده.
إن تعظيم الموارد على حساب تقليص القدرة الشرائية للمواطن وإحداث التضخم دون تفعيل قانون الحماية من التضخم ليس نجاحا حكوميا، هو تقليص للرواتب التي هي استحقاق المواطن بالطف التعابير، وهذا يحسسه بغبن قد يقود إلى توسعة أرضية الفساد والثقة بالحكومة كراعية لمصالحه وهو امر لابد النظر اليه بجدية.
الاهتمام بالأرياف وإعادة الناس إليها وبخطط ومشاريع وصناعات ومصانع للزراعة وتربية الدواجن والأبقار والأغنام لإنتاج اللحوم وغيرها، مع إدارة الأرض لزراعة العلف، وإقامة مصانع للأعلاف في مناطق استراتيجية، ومصانع للمنتجات الحيوانية وتعليبها، أما عودة المواطن بلا خطة فسيكون أمرا تضعف جدواه إلا إن دخل راس المال من مكان ما كرؤوس الأموال لمن يملكون المال ويجدون الطريق لتشغيلها وهذا ما بعد الاستقرار يكون عمليا وواقعيا.
إيقاف التعينات الحكومية مع غياب المشاريع وزيادة الكليات والجامعات، يعني إنتاج كادر لا يجيد رعاية نفسه أو القيام باي عمل من اجل العيش، فلابد من إقامة مشاريع وشركات أهلية وتشجع الدولة استقرارها وتسهيلات إقامتها مع وضع ضمان تقاعدي يشبه نظام الدولة للتقاعد وبهذا يخف الزخم على العمل في الوظيفة الحكومية، وقد يأتي هذا بمشاركات مع الشركات في الدول الصناعية لتوطين المعامل الكبرى والصناعات الغذائية والميكانيكية كالسيارات والآليات ودعمها بالنفط بسعر الكلفة، مقابل رعاية اجتماعية تشرف عليها الدولة وتنظر الدولة فيها بحيث لا يتأذى من يعمل في هذه الشركات ولا المنشآت ولا الصناعات إن قررت احدى الشركات التخلي عن العمل، وهذا يعني قيام نماذج عقود تحدد العمالة والمراكز الوظيفية والخبرات وتطويرها عن طريق التعليم المستمر.
إقامة علاقات مصلحة مع المحيط الإقليمي، وتثبيت اتفاقيات للمياه بشكل ينظر بواقعية الى مصالح الجميع، ومن خلال التعاون في إدارة المياه واستثمارها والتخطيط لها بشكل مشترك كإدارة ومنشآت لكيلا يكون هنالك فراغا واضحا بين الرغبات والواقع، وبين طروحات لم تدخل المرشحات المنطقية فالتغييرات المناخية محتملة وبشكل كبير لكن لا يمكن تحديد نتائجها فمواجهتها اليوم من خلال مشاريع لا تجعل البلد في حالة احتضار ومتمكنة لتزويد الحركة الاقتصادية والبشرية مهم جدا.
التحلية لمياه الخليج وهندسة ضخها بحيث تغطي وتحيي كل شبر من العراق، والتحول الحثيث للزراعة الحديثة والاقتصادية سيقلل من التلوث، اعتماد الأهوار ليس كمسطحات مائية وإنما فرز مناطق سياحية استثمارية كمشاتي ومزارع اسماك بما يصلح لها.
الدينار والاقتصاد يحتاج عمل عملا حقيقيا والثقة بالعملة ثقة في اقتصاد الدول والذي هو يعبر عن الثقة بإدارة البلد نفسه وما نكتبه هنا هو الملح في منظار حقيقة الوضع ولكي لا يضيع جهد اللقاءات فيكون هواء في شبك كما يقال، ومن المؤكد أن هنالك في البلد مختصون لكن عليهم أن لا ينظرون الى تجارب الآخرين ونقلها كقوالب، فالرأسمالية ليست نظام تجزئة وإنما نظام بنى نفسه لمئات السنين الى أن استقر في الوضع الذي نراه ومن يعيش فيه لن يراه خيارا، كذلك النظم الاشتراكية ليست بتطبيقاتها العلمية المباشرة، فنحن نحتاج الى الاستفادة من هذه النظم في إنجاح نظام مناسب كما فعلت الصين التي لها اقتصاد قوي لا ينظر لسعر صرف عملتها ولكنها قوية بتعاملاتها العالمية ، وربما لو اتحدت دول المنطقة لإنشاء عملة خاصة بها وبتجارتها ستكسب موقفا في إدارة الاقتصاد العالمي وكل هذا يحتاج جهد ووقت وقبل هذا عزيمة في الفهم والإعداد وإرادة في التنفيد