17 نوفمبر، 2024 10:25 م
Search
Close this search box.

افلاطون لايعرف العراق

افلاطون لايعرف العراق

كأنها من تنظيرات افلاطون في مدينته المثالية ، وهو يروج لعالم يحكمه الفلاسفة وينعم بخيراته الناس ،( سنقف بوجه الارهاب ، وسنتصدى للمليشيات ، وسنجتمع مع الكتل السياسية لايقاف التدهور الامني ) ، مقررات لاغبار عليها مكتوبة في محضر مجلس الوزراء الاخير ، لكنها مثالية وخالية الوفاض .. وحتى اتخلص من الوصف الاخير ،  طرت مع افلاطون في عالم الخيال ، واقنعت نفسي بانها  اول موجة ارهاب  تضرب بلدي ، وبان ظهور الميليشيات حالة فريدة لم يسبق لها مثيل ،ونظرت مرة اخرى الى قرارات المجلس (سنكافح الارهاب ، امن الوطن خط احمر لن نسمح بوجود اية ميلشيات ، اجتماع سيضم قادة الكتل السياسية )، فوجدتها مقررات خالية الوفاض مرة اخرى ، كيف لا والوقوف بوجه الارهاب يعني التفاف الشعب حول الحكومة بفرض انها وطنية ؟، وفي تلك الحالة – ان تحققت يوما ما – بشطريها الوطنية والالتفاف حول الوطنية ، فانها مواجهة الارهاب ستكون ابسط مما نتصور ، بل انه سيولي الى غير رجعة من دون مواجهة تذكر ، اما التصدي للميليشيات ، فلاادري كيف يتحقق وهي تتجول بمركبات الدفع الرباعي ، وتحمل باجات واسلحة لم تُمكن الاجهزة الامنية من اعتراضها ، فمن اباح لها ذلك؟ ومن زودها بجوازات اعتقال العراقيين وقتلهم ؟.
 واخيرا – وهنا تسكب العبرات –  فان الاجتماع لن يتحقق  بالصورة المقررة له ، لان القادة وممثلي الشعب لم يجتمعوا تحت قبة البرلمان بينما الشعب العراقي يسبح بدمائه ، وسيرد الحاضرون على الغائبين عن الجلسة الطارئة بعدم حضور الاجتماع الطارئ ، وهكذا تستمر السباحة بالدم ، في بحيرة الخصماء السياسيين .
واخر الحلول العجيبة ، كان من نتاج عبقرية برلمانية ( نائبة) ، تطالب بتفتيش دقيق لبيوتات بغداد كلها باستخدام الكلاب البوليسية وتؤكد على ضرورة ان تكون كلاب مدربة تستطيع ان تكشف المتفجرات ، لا خاملة ( لاتهش ولاتنش ) مثل اجهزة كشف المتفجرات ، وكأن البيوت البغدادية  منافذ حدودية لن يزعج اهلها ويلوث محتوياتها لعاب كلاب لاهثة وراء المجهول ، هذا على افتراض انها كلاب مدربة ،  ماهكذا تورد الابل ، فليس بانتهاك الحرمات نكافح الارهاب ، بل اننا بذلك كله نزيد من سخط الناس على الحكومة ونوسع الهوة بين المواطن ورجل الامن  ، علينا بدل ذلك ان نعلم رجل الامن ان لا يسال مواطنا عراقيا (منين انت ) ، وألا يزجره لا لشيء ، الا لانه يعاني التعب بسبب وقوفه تحت الشمس لاداء واجبه .
المثالية لن تجد لها مقاسا في الثوب العراقي ، وعسكرة المجتمع اثبتت فشلها ، ولا ادري مالذي يمنع الساسة من تحريك الوطنية في اجسادهم لتُنار ارواح العراقيين بها ، اظن كل الظن ان المقررات لو جاءت بصيغة (سنبدد مخاوف العراقيين من التفرقة بالوطنية ، وسنشرع قوانين تحاسب كل من يتحدث او يتصرف وفق الطائفية ، وسنكون اول الملبين لنداء الجلسة الطارئة في اجتماع مفتوح – تحت قبة البرلمان – للسلطتين التشريعية والتنفيذية منذ اللحظة الى ان  يسير العراقيون آمنين من زاخو حتى  الفاو،  ولا يُسأل عراقي في اية بقعة من وطنه ( وين رايح ، منين جاي ) ، اخشى انني اقارب المثالية من وجه اخر ،لكنني اطمح الى بلد امن كما يطمح كل عراقي غيور على بلده ، فهل في ذلك ضير؟ .  

أحدث المقالات