التطور الطبيعي للعقل البشري، يستند على أساس التجارب التي يخوضها بمرور الزمن، والتي تتحول لبنات أفكار وخبرات، يستفاد منها الإنسان في مفاصل حياته، حتى أنها تدخل في إختيار الدين الصحيح، لأن البشر يحتاجونه، لأنها جزء من الذات البشرية وغرائزها.
دائماً ما يكون هناك دين حقيقي واحد، وباقي الديانات هي متممة له، “هذا هو المفهوم السائد في الصندوق الأسود للعقول المؤمنة” لكن المنطق والذات الحيوانية في طبيعة بناء الإنسان، تحتم عليه الدفاع بشتى الطرق عن معتقداته الميثلوجية.. وهذا ما سبب الحروب الطائفية بين الأديان..
منذ مئة عام وبعد الإستقرار المسيحي اليهودي في العالم، وتصفيتها لمنافسيها سياسياً ودينياً، أصبحت الحروب الطائفية برغماتية، بإتجاه دين أو بالأحرى مذهب واحد فقط, إنه المذهب الشيعي؟!
هذا المذهب السائد في وسط وجنوب العراق، واجهته حكومات دكتاتورية لمنعه من الوصول للحكم أو إبادته.. فزج في حروب الهدف منها خلق إقتتال شيعي شيعي، كما حدث في الحرب العراقية الإيرانية، عندما أنتصرت الثورة الاسلامية على دكتاتورية الشاه تجاه الشعب الإيراني، عندها أصبحت الدول تنظر للشيعة كأنهم الخطر الحقيقي، محاولين بعدة طرق إنهاء وجودهم في الحكم، سواء في إيران أم في العراق، والتي هم يعتبرونها العمق الإستيراتيجي للفكر الشيعي..
السؤال الأهم الذي يجب أن يطرح، ماذا يمكن أن تفعل “العمامة الشيعية” إذا وصلت للسلطة؟
فقراء العالم أجمع تأثروا بجائحة كورونا، وإنهيار للطبقات الوسطى صار واضحا، ماعدا العراق.. كل شيء أصبح رخيص الثمن، والفضل في ذلك يعود إلى ما فعلته إدارة “الملالي” لأموال العتبات المقدسة، من مزارع للخضروات وحقول الدواجن، التي ساهمت بدعم المنتوج المحلي بكافة الأصناف، كذلك بنائها للعديد من مراكز الشفاء، للعناية بمرضى “كوفيد_١٩” بالإضافة إلى رعايتها لعوائل الشهداء والأيتام، وتوفير الرواتب الشهرية لهم، كل هذا وهم لا يملكون أي سلطة فعلية في الدولة.. يعملون رغم الحرب الإعلامية والنفسية ضدهم.
هذه الحرب أسس لها الغرب، ليخلقوا تلك النظرة الدونية، للمذهب الشيعي في الحكم، لذلك نجد مواقع التواصل الإجتماعي، ما أن تجد سلبية أو خللا في المؤسسات الحكومية وغيرها، حتى ينهالوا بكيل التهم ونسب أسباب الفشل كلها لوجود العمامة الشيعية في الحكم، ليطالبوا بإقصائها عن السلطة.. حتى بتنا متمرسين في جلد الذات، والإنصياع إلى تزييف الحقائق التي يطلقها إعلام الظل العالمي، وأصبحنا ننسب كل الفشل لهم وأنهم أساسه!
حقيقة يجب أن تقال الوجود الشيعي الحقيقي لإدارة المؤسسات، يتمثل بإدارة العتبات، وكذلك في دولة إيران ولو بشكل مختلف.. أما ما يحدث في العراق، فهو إيهام لقطيع الشباب الشيعي بأنهم لا يستحقون إلا أن يكونوا رعية.. وكذلك لتكون محاربة المذهب من أتباعه أنفسهم، فقط بحرفهم فكرياً.. وهذهِ الصراعات والنزاعات من جلد الذات، تدخل في شقين:
أولهما صراع الأديان الأزلي، الذي لن يسمح بأن يكون للمذهب الشيعي الإسلامي، حق المنافسة فضلاً عن الأنتصار.
ثانيا إستمرار النزاعات الشيعية الشيعية، وعدم أنفرادهم بالسلطة تطبيقا لمبدأ “فرق تسد” وهو ما يسهل على قوى الشر من زيادة نفوذها في المناطق.
الحرب ستستمر والخلافات ستتفاقم، حتى ينتهي الوجود الشيعي في مؤسسات الدولة، ونعود إلى حقبة الرعية.. لأنهم موقنين أن “العمائم الشيعية” هي التهديد الحقيقي للظلام العالمي، ولو أردنا أن ننتصر ما علينا سوى أن نتحلى بالعقيدة الوطنية، ونتبع نصائح المرجعية، بدل أن نتناقلها في منصات النشر ونتفلسف في نقدها، ولنا في إدارة العتبات وكذلك تجربة إيران بكل ما لدينا من ملاحظات حولها، مثال للوجود الشيعي الحقيقي لإدارة الدولة، فهي قاب قوسين أو أدنى من أن تكون شريكة في منصة الدول العظمى القادمة.