تبنى البلاد وتتطور حياة شعوبها من خلال عدة عوامل مترابطة ومتسقة ، ومن هذه العوامل والاسس يمكن ان نلخصها في :
1. العلم والمعرفة.
2. الوعي والتحرر من القيود على العقل.
3. عدالة القضاء وسيادة القانون وحفظ كرامة البشر.
4. تعزيز النزاهة والعمل الشريف.
5. حب الوطن والتفاني من اجله.
ولعل الاساس الخامس هو من اهم الاسس التي تبنى عليها الاوطان، حيث ان هذا الاساس هو يكون منبع وجذر الاسس الاخرى التي تتفرع عنه ويكون هو دعامة لها، لان العلم والوعي والقضاء والعمل الشريف هي تكون نابعة من حب الوطن وكما قيل (حب الوطن من الايمان).
وتوجد امثلة كثيرة في تاريخ البلدان كان لحب الوطن المحفز الاول في النهوض الحضاري ورفاهية الشعب، ومن هذه الامثلة نهوض المانيا بعد الحرب العالمية الثانية ، كوريا الجنوبية ورحلتها من اجل التنمية ، سنغافورا وعلو شأنها بين دول العالم وغيرها الكثير من البلدان.
ولا يمكنني الادعاء ان الدول التي خرجت من الحروب شهدت نهضة وعمران وتنمية بين ليلة وضحاها، بل ان الامر يحتاج الى جهد وتضحيات ومثابرة واستطيع القول يحتاج الامر الى (قتال)، نعم ففي مراحل البناء والاعمار فان مفردة (قتال) تحمل معنى اخر غير المعنى المتعارف عليه في ساحات المعركة العسكرية.
فان القتال بالمعنى العام يتسع لعدة فضائات ، منها قتال من اجل سيادة المعرفة والعلم ، قتال ضد الرجعية والتخلف وسلاحه العلم والمعرفة، قتال من اجل سيادة القانون والحكم العادل المبني على الحقوق والواجبات، قتال ضد الفساد والعمل غير الشريف، قتال من اجل تحديد وتشخيص الخائن وطردة خارج اسوار الوطن.
نعم، فان لكل شي ثمنه في هذه الحياة ، وثمن بناء الاوطان – مهما بلغ- فانه يستحق الدفع ، لان الوطن يعني الابن والبنت ، يعني الاحفاد ، يعني مستقبل الاجيال القادمة ، يعني العيش في سلام وطمانينة .
العراق ومنذ الاحتلال العثماني ، لم يشهد حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، على الدوام هنالك حروب ومجازر ، تدمير ودمار ، تخلف وجهل ، اضافة الى ان العراق لم يشهد فترة لو صح ان اطلق عليه (فترة استراحة) لكي يستعيد دوره التاريخي والسياسي ويعيد بناء اسسه الحضارية، ولست هنا بصدد السرد التاريخي (المتكرر في اغلب كتب التاريخ) ، بل اريد خلال الاسطر القادمة وبشكل مختصر الاشارة الى نقاط عامة (جوهرية) لعلي اسلط الضوء على الاسس التي تم تهدميها في العراق لغرض تدميره ومن ثم اغتياله حضاريا وسياسيا ، الاسس التي تحدثنها عنها (بعجالة) في مقدمة بحثنا هذا.
فبعد عام 2003 ، وكما اعلنت وصدعت رؤوسنا بعثات الامم المتحدة والاتحادات الاقليمية مثل الاتحاد الاوربي و شرق اسيا وغيرها الكثير ان مشروع بناء العراق سيكون كمشروع اعادة بناء اوربا بعد الحرب العالمية الثانية (مشروع مارشال)، وتغنت دولة الاحتلال بانها سوف تخصص مبالغ لاعادة اعمار البنى التحتية (التي هم من دمرها) وتعويض الضحايا والمعدمين (الذين هم وبمعونة صدام قتلوهم) وتكررت (السين والسوف) في خطاباتهم.
وهم على علم ان الذين جاء بعد 2003 يعمل بنفس اذا لم يكن اكثر في خدمة مصالحهم والهدف الاستراتيجي المتمثل في :
1. العمل على ابقاء العراق متخلف في كافة الاصعدة.
2. رهن ثروة العراق بقروض ومعاهدات وضمانات سيادية تستحوذ على ابار النفط لاجيال قادمة.
3. تقطيع العراق من كافة النواحي الاجتماعية منها على راس القائمة ، والسياسية والاقتصادية .
4. تدمير الصناعات بمختلف مجالاتها.
5. القضاء نهائيا على الثروات الزراعية والحيوانية .
6. ابقاء المواطن العراقي في ذيل قائمة الدول من حيث الرفاهية وابقاءه في مقدمة القائمة من حيث الفساد وكبت الحريات.
7. اشاعة حالة من انكار القيم والاخلاق كرد فعل على تصرفات من يدعي حمل لواء الدعوة الى الاسلام والادعاء انه ممثل الدين.
8. انتشار حالة الفساد والافساد في مفاصل الدولة كافة.
9. تعطيل ومن ثم تسييس القضاء وجعله اداة بيد الساسة.
10. قتل روح المواطنة وحب الوطن والتعيش السلمي بين افراد المجتمع.
من ذلك فان الجميع – وبدون استثناء- يعمل وفق اجندة معدة مسبقا ، وكما ذكرت فيما مضى انني لست من اصحاب نظرية المؤامرة ، غير ان الشمس واضحة حتى وان غيبها السحاب عن الناظرين، فوضع العراق من سيء الى اسوء ، وعلى كافة الاصعدة، ولا يمكن ان تكون عملية البناء فقط بالكلام والشعارات ، فعندما اسمع (ونادرا ما سامع) ، اقول عندما استمع الى كلام الساسة ، اتمعن واتفكر في كلامهم، الكل يتباكا على العراق ، الكل يلعن ويشتم الفساد والفاسدين، الكل يدعي انه وطني اكثر من غيره، غير ان واقع الحال يتحدث غير هذا.
وللحديث تتمة … اذا بقيت للحياة