لا يختلف اثنان -من داخل العراق وخارجه- على ان التدخلات الاجنبية بكل اشكالها تمثل السبب الرئيس فيما حصل ويحصل من اضطراب وتدهور على الساحة العراقية منذ سقوط الصنم والى يومنا هذا. والتصريحات المعلنة على لسان الامين العام للجامعة العربية وقوله بالحرف الواحد “هناك قوى اقليمية لا تريد نجاح العملية السياسية في العراق وتسعى الى زعزعة استقراره وتعمل على اضطراب الاوضاع في العراق” خير دليل وشاهد، ناهيك عن تحذيرات الامين العام للامم المتحدة السيد بان كي مون وجميع مسؤولي المنظمات والهيئات الدولية من خطورة هذه التدخلات ودورها في اشاعة الفوضى والخراب والدمار في العراق، فضلا عن اعتراف المجرمين الذين يلقى القبض عليهم متلبسين باعمال التخريب والتفخيخ والقتل بان مخابرات الدولة الفلانية تجندهم وان الجهة الفلانية تدربهم وتسلحهم وان الجانب الفلاني يقدم لهم المال والسلاح والدعم اللوجستي، وأول من شخّص وضبط هذه التدخلات الجانب الامريكي لكنه غض النظر عن بعضها وسكت عن البعض الاخر وعالج بعضها بضعف مقصود لتمرير اهداف معروفة.
لا شك ولا ريب ان لكل طرف من هذه الاطراف مصلحته في هذا التدخل، ولكل جهة اهدافها، وجميع هذه الجهات والاطراف لا يعنيها خراب العراق وذبح شعبه بل تسعى جاهدة لذلك وتبذل المليارات في سبيل اسقاط العملية الديمقراطية في العراق طالما كان في هذه التجربة شيئا من خطورة انتقال عدواها الى شعوبهم وتهديد عروشهم وكراسيهم. فاذا كان لاعداء العراق اهدافهم واغراضهم، واذا كان لدول الجوار معاذيرهم، واذا كان أولاء واولئك لا يعنيهم خراب العراق وابادة شعبه بل قد يسعدهم ويفرحهم فما بال بعض ابنائه يهيئون الاسباب لتلك التدخلات ويفتحون الابواب المشرعة لدخول الارهاب بكل اشكاله المعلنة والمخفية؟!.
وما عذر من يستعينون بالاجانب ويستعدونهم على وطنهم وشعبهم ؟!.
واذا كان بعض هؤلاء التوابع يلتقون بالجهات الخارجية وربما المعادية في الخفاء ويستعينون باموالها وضغوطاتها تحت جنح الظلام ومن خلال وسطاء، فقد تطور الامر وبلغت الجرأة بهم في الآونة الاخيرة ان يرفعوا عقيرتهم بالشكوى ويستعينوا بالاجانب بغض النظر عن جنسياتهم ويستعدوهم على تجربتهم وشعبهم ووطنهم جهارا نهارا بمجرد تضرر شئ من مصالحهم او تقاطع القوانين مع اطماعهم. كان الأولى والأجدى بأي عراقي – وبعد ان لمس ورأى الخراب الذي احدثته التدخلات الاقليمية بشكل خاص والاجنبية بشكل عام- ان لا يفكر في اللجوء الى تلك الجهات مهما كان نوع المشكلة وكبر حجم الاضرار فالذين استعانوا بالاجنبي طلبا لمنافع شخصية وفئوية اساؤوا الى انفسهم قبل ان يسيؤوا الى اوطانهم وشعوبهم، فقد كانوا بالامس القريب يكيلون الشتائم والتخوين الى الاخرين ويتهمونهم زورا ويهتانا بالعمالة للاجنبي ويرمونهم بالتعاون مع اطراف اقليمية وتنفيذ اجندتها. وبذلك كشفوا عن مطامع واغراض شخصية لا تمت للوطنية بصلة ولا تهمها مصلحة العراق ومستقبل اجياله وعلى رأي المثل العربي:
رمتني بدائها وانسلّت . فمن جهة يشيدون بنزاهة القضاءالعراقي واصالته اذا صبت قرارته في صالحهم وتطابقت مع اهوائهم ومن جهة اخرى يتهمونه بالرضوخ والاذعان للضغوطات السياسية اذا جاءت احكامه لصالح غيرهم. ومن جانب يوافقون على تشكيل اللجان والهيئات المختصة ومن جانب اخر يشككون بقانونيتها ويرفضون قراراتها حين تتقاطع مع مشاريعهم وتدين بعض سلوكياتهم.
ان مرور عشر سنوات على التجربة الديمقراطية العراقية فترة كافية لفرز الغث من السمين وكشف المخلصين الحريصين على انجاح العملية السياسية واستقرار العراق وتشخيص النفعيين والوصوليين والانتهازيين والمندسين، كما انها فرصة طويلة امام العراقيين اكسبتهم الوعي السياسي والثقافة الديمقراطية فصار من السهل عليهم معرفة ما يراد بهم كما قويت عندهم الارادة لعزل العابثين بمقدرات العراق الساعين لافشال تجربته الجديدة ودعم واسناد كل صوت وطني مخلص هدفه بناء العراق الديمقراطي الجديد وخدمة شعبه المحروم.
كم تمنى العراقيون ان توصد الابواب بوجه التدخلات والمشاريع المشبوهه والاجندة الطارئة والوافدة ايا كانت جهاتها ومصادرها؟.
نقولها بثقة:
“لا خير في من يعين الآخرين على اختراق بيته وايذاء اهله. وان من عجز عن ايجاد الحلول عند ابناء وطنه اورفض قبولها منهم لا يجدها في حقائب الاعداء والمغرضين وسيزداد خسارة وخذلانا”.