23 ديسمبر، 2024 11:56 ص

اغلبية برلمانية : ام ــ لاسامح اللـه ــ … ؟

اغلبية برلمانية : ام ــ لاسامح اللـه ــ … ؟

حكومة الأغلبية البرلمانية , يطرحه البعض دون ان نعلم يقيناً , ان كانت دعاية انتخابية , ام قناعة في تبني مطلب جماهيري وطني , اكثر من دورتين انتخابيتين تبنته بعض القوى قبل الأنتخابات مباشرة ثم ابتلعته حوت التحالفات الطائفية لتذهب اصوات ــ ولد الخايبه ــ الى اكياس المصالح الشخصية والعائلية الحزبية ليقع الناخب في مصيدة حكومة الشراكة للتحاصص والفرهود الشامل , الناخب الذي ارتبطت مصالحه الحيوية بالهامش المتواضع للحريات الديمقراطية , يقدم صوته كثمن لطموحاته المشروعة , يستيقظ في نهاية الأمر على حصاد حصرم عذاباته  .

كما هو واضح , مالت كفة الميزان لصالح مشروع الأغلبية البرلمانية , مقابل معارضة سياسية ( وطنية !! ) بغية تحرير مجلس النواب من مخدرات الكسل واللاابالية والكسب السريع , هناك من يدعو وهناك من يعارض ولكل اسبابه غير المعلنة , الداعون اصبحوا يدركون ميل رياح الحس الشعبي والمواقع التي احتلها الوعي المجتمعي , الرافضون يخشون ان يعلو صوت الشعب على صراخ التخريفات غير المنضبطة , يراهنون على ان الرأي العام العراقي لازال مغيباً تحت عمامة لأسماء .

العراقيون في الأنتخابات الأخيرة , ازالوا بعضاً من حواجز الخوف والتردد ورفعوا اكوام  الوهميات , واكتشفوا ان سلف كما هو خلف البيوتات التي اطرت نفسها بمقدس الألقاب والمظاهر والدرجات الفقهية , لا تختلف عنهم بشيء , سوى امتلاك ابخرة وتعويذات التجهيل والأستغفال, ثم الوعيد بعقوبات عن عصيانات ـــ وهمية ـــ ويوعدوهم بشفاعات لا يمتلكوها , لكنهم وعندما سقطوا في اوحال السياسة للعشرة اعوام الأخيرة , سقطت مساحيقهم وتعروا عن خرابهم الذاتي , العراقيون يستيقظون الآن على واقعهم , ليمارسوا ردود افعال ايجابية للتحرر من العبودية الروحية والنفسية والمعنوية والخوف من اللاخوف .

حكومة الأغلبية البرلمانية , سلوك ديمقراطي سليم ومكسباً وطنياً , سيضع خطوات العراقيين على طريق اصلاح وتغيير واقعهم , وخارطة طريق لمستقبل اجيالهم , الذي يتنفس حقاً برئة الوطن , عليه ان يحاول صدقاً ليكون طليعة الماسكين بعروة المشروع الوطني العراقي , يخلع عن سمعته وتاريخه ما تعلق من اوحال المشروع الطائفي العرقي , ليجد مساحة شرف وصحوة ضمير تقربه ولو قليلاً من المكانة التاريخية اللامعة للشهيد الوطني الخالد عبد الكريم قاسم , لا يهم من اي حزب او كتلة او قومية او طائفة يكون , الأهم وبالضرورة ان يكون ايمانه راسخاً بالوطنية العراقية المشتركة .

من سيشكل الحكومة القادمة, او من سيكون معارضاً, كلاهما مسؤولان عن تادية واجبهم ازاء ناخبيهم , فلا الذي يشكل الحكومة فائزاً ولا من يختار المعارضة خاسراً , بعكسه اذا ما تصالحوا حول المشروع الوطني العراقي, فجميعهم فائزون برضى الشعب ومباركة الوطن , الجماهير التي ستثمر اصواتها حكومة كفوءة نزيهة , ومعارضة كفوءة ونزيهة , ستكون هي المنتصرة  بكفاءة وجدارة ممثليها من داخل الحكومة اومعارضة لها , بعكسه ستكون الخسارة الحقيقية لمن يحاول خذلان ثقة واصوات الناخبين .

تجربة عشرة اعوام , جعلت للشك والريبة ما يبررهما, كون عمر ادعاء مشروع حكومة الأغلبية البرلمانية ثمانية اعوام تقريباً , ترتفع سخونته الى اقصاها قبل الأنتخابات بأشهر قليلة, ثم تتراجع خلف الصفر بعدها مباشرة ’ لتبدأ الأبتزازات والمساوات حتى يتكرر لقطاء الفساد لحكومة شراكة الفرهود الوطني !!!  .

الآن وكما نسمع ونقرأ , يبدو ان جميع الكتل الكبيرة راغبة في حكومة الأغلبية , خوفنا المشروع ان تصبح تلك الأغلبية استنساخ لحكومة الشراكة , فقط تغيير الأسم استغباءً للرأي العام , ثم تحافظ على مضمونها ولم يبق خارجها سوى بعض الكتل الصغير غير المرغوب في مشاركتها بغية استسهال ابتلاعها .

دعونا نتفائل وبحذر وربما للمرة الأخيرة ونبني امالاً على ذات رمال التجربة المريرة للعشرة اعوام الأخيرة , لعل الممكن يولد من رحم المستحيل ولو نصف معوق , الأمر لازال وعود ومزايدات , وقد كانت ( لا سامح اللـه ) دعاية انتخابية , لكن الذي يدعو للتفائل , الوعي الجديد الذي عبر عنه الحراك الوطني من داخل الشارع العراقي , واذا ما تحرر ( نسبياً ) من ضوط الفساد والأرهاب , ستكون ردود افعاله قادرة على قلب طاولة الكذب والتسويف على رؤوس الذين يحاولون اللعب على اخلاص ومبدئية المواطن العراقي, التغيير له منطق آخر قد لا يفهمه المدمنون على تقاسم وتحاصص العراق .

المفرح في الأمر , ان العقل العراقي يتعافا , والوعي المجتمعي قد تجاوز شلل تقديس غير المقدس , ولم تعد الألقاب والمظاهر والتطفل المزمن يشفع لمن يرخص سيادة العراق وقضايا شعبه في مزادات الجوار ليربح اسلاب التبعية ومكرمات العمالة .

نقول لكم ( انتم .. ) ناصحون , لقد خسرتم مقدسكم وسمعتكم واصبحتم صفراً في المقاييس الوطنية , عليكم فقط ان تتصالحوا من داخلكم وتواجهوا الناس بوجوه اقل سواداً , معقمة بمضادات الفساد العائلي والأجتماعي , كفوا عن الصراعات حول ما ليس لكم فيه حق , جيوب المخفي والمكشوف من ارصدتكم وعقاراتكم قد فاضت من المنقول وغير المقول , توقفوا واتقوا اللـه , وافتحوا مع العراقيين صفحة جديدة , انهم طيبون متسامحون ميالون للنسيان و ( عفى اللـه عما سلف ) و كالزواحف, انزعوا مستهلك جلد سمعتكم واستبقوا العراق ما بين اضلاعكم .