سعوا الطغاة بوضع منهج مدروس لأغتيال الإمام علي (ع) اغتيالاً معنوياً أكثر منه جسدياً لتراثه النير المشرق ,ولعدالته المستقيمة بين رعيته ,ولفكره الذي تربى عليه أحرار الناس يمتد بعمق الأرض ,عقود من الزمن وسيلٌ جارف من الزيف الافتراءات والأكاذيب لتشويه الحقائق وتلويث العقول وإظهاره للناس بصورة الإنسان غير المنضبط والأنكى من ذلك كان يمارس هذا الأسلوب المحمل بالحقد والحسد المتدني الهابط في الطرح على منابر رسول الله (ص) وهو القائل بحقه : {يا علي لا يعرف الله الا انا وأنت يا علي لا يعرفني الا الله وأنت يا علي لا يعرفك الا الله وأنا} وقول الشاعر:{فدع المعاول تزبئر قساوةً / وضراوةً إن البناء متين }الاستكمال الذاتي المتكامل في شخص وشخصية الإمام (ع) دفعه للعزوف عن الدنيا وزبرجها ومظاهرها البراقة الزائلة لم يكن يشعر أطلاقاً بعوز وقصور ذاتي طيلة مشوار حياته فمن حيث الأب كان أبوه سيد البطحاء والنسب زوجته فاطمة بنت النبي الأعظم (أم أبيها ),والأولاد ولديه ريحانة رسول الله الحسن والحسين عليهم السلام ,وبيتهم عرف بين سائر منازل العرب بالعزة والمفخرة فالشجاعة والعلم والبلاغة والإيثار والعلم الغزير والتضحية والبطولة وغيرها من الصفات الحميدة كانت تأتي لتنهل ورداً منه لتستكمل نقصها به ,أنه مدرك تماماً أن عالمه ليس الدنيا أنما هي محطة ينتقل من خلالها لعالم آخر ووطن ليس فيه انحراف أخلاقي وبيئة نظيفة خالية من السفهاء,مستقرٌ فيه سكينة وهدوء وراحةٌ بعد جهاد وصراع للنفس تخوضها في سبيل العشق الإلهي ,فوز علي في المحراب بقوله :{فزت ورب الكعبة} يعني الظفر والفوز بالصبر على المصائب والآلام التي انهالت عليه كالمطر من شذاذ الآفاق وهو يعض على جراحه وفي عينه قذى وفي حلقه شجى محتسبا ﻷمر الله وهو يتجرع الألم بمعاداة الانتهازيين والوصوليين من جهة ,وسفهاء زمانه من جهةٍ أخرى ليس ﻷساءة قام بها بحقهم ,وإنما ﻷنه اختار طريق الحق فقل السالكين في دربه,أن عملية قتل الإمام (ع) لم تكن عملية قتل هامشية ,بل كان عبد الرحمن بن ملجم أداة منفذة لعملية الاغتيال التي أحيكت وراء الكواليس,من صنع خاصة الطبقة النفعية التي تضررت مصالحها بوجود علي الذي أقام العدالة الاجتماعية كمنهج تسير عليه الأمة وتأسيسه لدولة يعيش في كنفها جميع العناوين
والانتماءات على أساس المواطنة ونصرة المظلومين والأخذ بيد المستضعفين والوقوف بوجه الظالمين مهما كان عنوانهم ,كان هم علي هو أيجاد حل للمشكلات والأزمات حلاً يرضي الله وهو (الحق ) وليس حل التوافق التفاوض والمساومة على دماء الأبرياء ,ففي كل يوم هنالك عمليات اغتيال للأحرار مادام السير على خطاه فالضريبة واضحة لما يقدموه ,كانت المشكلة الرئيسة التي واجهها سيد الألم أنه قرب المستضعفين وأعطاهم مناصب مهمة لأنهم ثابتون على مبادئهم لم يركنوا لتل أو يقدموا أجازة ومن ثم يلتحقون بالمعركة بعد أن تلوح تباشير النصر ليأتوا وتدرج بعد ذلك أسماؤهم للحصول على وسام يقلدون له من قائد فاسد مفسد يقرب أقزام متسطحين بفكرهم وسلوكهم ,ويبعد الصامدين الذين قدموا أنفسهم على راحة يديهم ووطيس المعركة في آوج محنته ,ثم يأتي الوعاظ اللاهثون وراء المغانم لينسجوا قصص خيالية ووهمية للفاسدين ويطرحونها للرأي العام على أساس أنها حقيقة وأنهم أصحاب مواقف بطولية ,لكنهم كانوا نائمين وسط زحام ليالٍ حمراء ومن ضحوا يخوضون خمار الموت والشهادة وسط أزير الرصاص ..وللحديث بقية.