في مؤتمره الصحفي في مدينة كربلاء قبل حوالي الاسبوع , تحدث رئيس الوزراء بصراحة (و هي كلمته المحببة كما يبدو ) حول الفضاء و الفضائيين. بانت من كلماته بأنه على موقف ثابت في محاربته للفساد الذي نخر مفاصل الدولة اجمع و شلّ حركتها بالسير الى الامام .الفساد آفة تلتهم ما يكون امامها و ما يكون خلفها . لا مساومة و لا تزويق و لعب في الكلمات عندما يأتي الحديث عن المواجهة .الطريق يجب ان يكون واضح . الادوات و الاليات المتبعة يجب ان تكون صلبة و حادة ,لا تدغدغ المشاعر , و لا تحابي القريب , و لا تجامل الصديق . الدولة و البلد على المحك , و عندما يكون البلد على المحك يجب التعامل مع الامر بجدية و حديّة لاعادة وقار الدولة و حفظ كرامتها . هذا ما اخذناه من كلامه .
ان طريق التحدي الذي يتخذه العبادي مسارا له في هذه المواجهة هو الطريق الصحيح , كذلك هو نفسه طريق الخلاص من الارهاب , فالخلاص منه يأتي عن طريق القضاء او على الاقل تحديد و تقليص الفساد . اذا, القضاء على الفساد هو اولى الخطوات للقضاء على الارهاب بداية و القضاء على داعش و مسمياتها الاخريات في النهاية . ديمومة الارهاب و التفسخ الاخلاقي للمجتمع سببه الرئيسي هو الفساد .فالمجتمع اصبح هشا , فقد لبّه و محتواه و تعلّق بالترهات و التي اسّسها النظام الاسبق و كرسّها النظام السابق .فتحول المجتمع الى مجتمع صوري ,تحركه ايادي خبيثة حيث تريد .
لقد كان رئيس الوزراء في مؤتمره الصحفي هذا واضحا جدا و سمّى الاشياء بأسمائها . حيث ذكر سيادته الاسماك الكبيرة و انتهى بذكر الحيتان الجبارة .هذه الاسماك الكبيرة و الحيتان هي الايادي الخبيثة التي كانت تعبث بالبلد و مقدّراته متسترتا باحزاب و تجمعات سياسية سلطوية تحميها من المسائلة و من اعين الخيرين .هذه الايادي الخبيثة او الحيتان سخرّت مؤسسات الدولة كلّها لغرض منفعتها الشخصية و وضعت هذه المؤسسات في ورطة كبيرة لا تستطيع انتشال نفسها منها . فلا مكاتب النزاهة نجحت , و لا المواعظ الدينية و التربوية نفعت, و لا مراقبة المشرعين افلحت , بل على العكس فقد زادت هذه الادوات الثلاثة الطين بلّة و دخلت بكل قوة في معترك الفساد و رفدته بالطاقة و الحصانة التي يحتاجها.
لقد كانت المرجعية الدينية في النجف صائبة في تشخيصها للخطأ , و قامت بحمل شعار التغييرفي الانتخابات البرلمانية الاخيرة , لكن الفاشلين ارادوا تفسير التغيير بانه تغيير الاخرين و ليس انفسهم و انهم هم الذين يرفعون هذا الشعار و انهم من اول الداعين و المطالبين به , و هذا من مفارقات الزمان و نكات المكان او قد يكون من مفارقات المكان و نكات الزمان . انه الانتقاص من العقل بعينه ,و قلب الحقائق و تشويه التأريخ , و هذا ما فعله النظام الاسبق (نظام صدام).
ذكر رئيس الوزراء كذلك بأن هذا الطريق الذي يسلكه طريق صعب ,لكنّه اكدّ بأنه لن يحيد عنه حتى و ان كلّفه حياته . حيث ذكر و بصورة مباشرة بأن هناك محاولات لأغتياله و ان هذه المحاولات كما يبدو جاءت بسبب العهد الذي قطعه على نفسه في محاربة الفساد . اي ان للفساد القدرة , القابلية , القوة و الجرأة لتحدّي اكبر سلطة في العراق متمثلة برئيس الوزراء. فيا لها من قوة , نمت و ترعرت امام الملأ و اصبحت تتحدى الدولة كلها متمثلة بالحكومة .السؤال الذي يطرح نفسه هو و من هي هذه الحيتان ؟ و كيف اخذت قوتها ؟ و هل يستطيع العبادي لوحده دحرها؟ هل هي ازلام النظام الاسبق تنسّق و تتعاون من حاشية و ازلام النظام السابق ؟
العبادي كان واضح جدا بأن الفساد يحاول اغتياله . لقد وضع النقاط على الحروف بدون رتوش او مكياج , و انني اعتقد بأن ازلام و عصابة النظام السابق هي المستفيد الاوحد من بقاء الفساد في مفاصل الدولة , فلا حياة لهم بدونه .هل هم من هددّ باغتيال العبادي ؟
((إن الفراعنة والأباطرة تألهوا ؛ لأنهم وجدوا جماهيرا تخدمهم بلا وعي)) . محمد الغزالي- رجل الدعوة الاول…