فاجأنا السيد رئيس الوزراء بظهوره على شاشات التلفزيون وهو يلتقي مع عدد من نواب دولة القانون وبعض الكتاب والصحفيين . وقد ركز في حديثه على ضرورة اجراء الاصلاحات . وعدم ممانعته من اعلان الاحكام العرفية او حل البرلمان اذا رغب الشعب بذلك عن طريق الاستفتاء او بمظاهرات مليونية . . . وفي لقائه هذا نرى وجود احتمالات ثلاث فأما انه يعطي انذارا الى رؤساء الكتل المتحالفة معه عبر ممثليهم في الاجتماع ، وهذا يذكرنا بانذار السيسي خلال الثورة المصرية الثانية وامساكه بمقاليد الحكم في وقت لاحق . او انه يريد ان يبرر تباطؤه في الاصلاحات وعدم تنفيذها لعدم قدرته على ذلك ،ويقدم الاعذار الى المتظاهرين وليرمي اللوم عليهم لعدم مساعدته في تنفيذ هذه الاصلاحات وبالتالي فشلها. . ، او انه يريد فعلا مظاهرات مليونية لاتخاذ خطوات اكثر جرأة واكثر ثورية لادراكه بأن المحيطين به والحرس القديم لن يمكنوه من تحقيق الاصلاحات التي وعد الشعب بها . . . وازاء كل هذه الاحتمالات فأنه بالنتيجة لا يستطيع الا ان يتقدم الى الامام ، لانه قد بدأ المشوار وان البلد لا يتحمل التأخير او الانتظار اكثر. . . واذا. تعذر عليه تنفيذ الاصلاحات الجذرية بقوة وعزم فأن هناك من يستطيع القيام بذلك ويتجاوزه ،، لان وضع البلد لا يحتمل التسويف او المماطلة وان العراق ليس دولة فاشلة فقط وانما هو على حافة الهاوية ، واليكم الاسباب :
١_ فشل البرلمان وسقوط البرلمانيين. (الا القليل منهم ) في مستنقع الفساد والمحسوبية وخيانة الامانة والوطن . وكذلك عدم قدرته على استجواب الوزراء والمسؤولين وعجز ه عن تشريع قوانين مثل المحكمة الاتحادية والحرس الوطني والمسائلة والعدالة ومجلس الخدمة وقانون النفط والغاز . والاكثر من ذلك كثرة التصريحات المتناقضة من قبل البرلمانيين في مسائل تمس السيادة او زج الشعب في امور هو في غنى عنها
٢_ ان التحالف الوطني الذي لديه الاغلبية في البرلمان ويقود العملية السياسية ليس له رئيس ولا يسير وفق منظور منهجي مفهوم . وليست له اي مرجعية قيادية عدا المرجعية الدينية
٣_ القضاء اصبح مسيسا وتابعا للسلطة التنفيذية وعاجزا تماما عن ممارسة مهامه في معاقبة المسئ مما ادى الى الاستهانة به وعدم احترامه وخلق كل هذه الفوضى السياسية والادارية السائدة الان .
٤_ الفساد السياسي والاداري الذي عم كل مفاصل الدولة والمجتمع ولا نستطيع ان نستثني اي مرفق من مرافق الدولة دون وجود عقود وهمية وسرقات المال العام او الرشوة ة
٥_ عدم وجود ضوابط للحكم سواء كان مركزيا او لا مركزيا وتبع ذلك تسيير امور الدولة على وفق اهواء الوزراء والمحافظين وتبادل الاتهامات. ة
٦_ الميزانية على حافة الافلاس والدولة عاجزة عن توفير الاموال لادارة الدوائر الحيوية
٧_ ثلث اراضي العراق محتلة من قبل داعش والعدو شرس مما نقدم يوميا عشرات الشهداء وخسائر جسيمة في المعدات والاموال .
٨_ الخلافات الدائمة بين العشائر او بينها وبين الحشد الشعبي مما سبب مزيدا من الانقسامات في المجتمع العراقي ويبدو ان الجيش العراقي غير قادرعلى اعادة تنظيم نفسه والتنسيق مع الفصائل المسلحة الاخرى
٩_ وجود اعداد كبيرة من النازحين بما يقارب ٣ ملايين نازح داخل العراق وهم بحاجة لمزيد منالاموال لضمان بقائهم على قيد الحياة على الاقل . كما ان هناك مزاجيات مختلفة في اعادتهم الى ديارهم
١٠_ كثرة الميليشيات المسلحة في بغداد والمحافظات وتداخل العصابات والمافيات المسلحة معها
١١_ ضعف العملة المحلية نتيجة فقدان اغلب احتياطي البنك المركزي وقيامه بتصريف ملايين الدولارات يوميا للمحافظة على استقرار سعر العملة العراقية وهذا كله ادى الى تهريب العملة الصعبة ونقصها مما سيزيد من افلاس الدولة
١٢_ عدم وجود سياسة خارجية واضحة ادى الى التذبذب في مستويات العلاقات الدبلوماسية مع الدول الاخرى وخصوصا دول الجواروالتصريحات العدائية من مسؤولين ونواب تجاه هذه الدول مما ادى الى زيادة تدخلها بالشؤون العراقية خوفا على مصالحها الانية والمستقبلية
١٣_ سوء تنظيم قوى الامن الداخلي وتفشي ظاهرة الفساد والرشوة وبيع المناصب
١٤_ توقف شبه كامل للنشاطات الرياضية وعلى الاخص كرة القدم نتيجة تدخل الدولة مما ادى الى ضياع اتجاهات الشباب ودفعهم للهجرة من الوطن او انصرافهم الى المخدرات .
١٥_ تعطيل اغلب معامل القطاع العام وكثير من معامل القطاع الخاص١٦
١٦_ انهيار الزراعة ومنظومة الري وانعدام الثروة الحيوانية والسمكية.
١٧ الخلاف الدائم بين الحكم الذاتي لكردستان العراق والحكومة المركزية
١٨_ تجاهل الحكومة لكثير من بنود المنهاج الحكومي الذي تشكلت الحكومة على ضوءه
هذه اهم المشاكل التي يواجهها العراق والتي ستؤدي الى افلاس الدولة وانهيارها ويضاف الى هذا كله ضعف الخدمات من الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والصرف الصحي وغيرها .
وبعد هذا كله يتسائل السيد العبادي عما اذا كان سيعلن الاحكام العرفية ام لا ويطلب تفويضا من الشعب عن طريق الاستفتاء . ان اى من هذه المشاكل والمعضلات صالحة لاعلان حالة الطوارئ وحل البرلمان وتعطيل الدستور فما بالك بكل هذا مجتمعة في دولة واحدة . ان العراق وبهذه الحالة اصبح دولة منكوبة مما يتطلب حل الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة طوارئ من كفاءات وليس من سياسيين . ان مصلحة الشعب فوق كل اعتبار وفوق كل الشكليات ولا زال البرلمان ودولة القانون واتحاد القوى والكردستاني وغيرهم يطالبون بان تكون الاصلاحات دستورية وهم يخرقون الدستور يوميا وعلى ابسط المسائل وعندما يتعلق الامر بكوارث الشعب ونكبته يصبح قانونهم فوق كل الاعتبارات الانسانية وتغليب مصالحهم الضيقة على مصالح الشعب والوطن . ان المرجعية الدينية والشعب قد اعطى التفويض اللازم للسيد العبادي وعليه اغتنام هذه الفرصة وطرق الحديد وهو ساخن حيث لن تتوفر له في المستقبل اي فرصة للاصلاح والتطهير اكثر من تأييد الشعب والمرجعية في ان واحد.