للدكتور الوائلي ( رحمه الله ) مقولة خالدة تقول ( ان اغلب ردود الأفعال هي ردود طبعية وليست طبيعية ، لان الانسان تسيره ميوله النفسية اكثر من مدركاته العقلية ) . تبني شخصية الفرد الكثير من المؤسسات ، كالعائلة ، والمدرسة ، والجامعة ، وغيرها من المؤسسات التي ينخرط فيها الفرد ، ولكن منذ عدة عقود اختلف الامر ، بعد ظهور التلفاز ، وتطور الاعلام ، اختلفت آلية بناء شخصية الفرد ، حيث اصبحت نسبة ٧٠ ٪ من شخصيته تبنى عن طريق وسائل الاعلام ، وهذا من الخطورة مما يفرض ان لا تترك هذه الوسائل بيد المخربين واصحاب الاجندات يتحكمون بها كيفما شاءوا ، حيث يعتبر الامر في جميع دول العالم من صميم الأمن القومي ، والسيطرة او وضع محددات وأطر تؤطر العمل الإعلامي وسيلة لا مفر منها لحفظ أمن وثقافة ودين المجتمع من الانجرار خلف المنحرفين ان الانسان لا يثور عندما يظلم ، وانما يثور عندما يشعر بالظلم ، قالها الوردي منذ عقود ، ونراها اليوم شاخصة أمامنا ، من خلال تركيز الاعلام على مفردة المظلومية ، كحق يراد به باطل ، لا يمكن نكران هذه المظلومية بأي شكل من الأشكال ، ولكن كذلك وفي نفس الوقت لا يمكن استخدام هذه المظلومية كحجة في تدمير الدولة ، وسلب ممتلكاتها ، وتهديد ارواح مواطنيها ، والتهجم على كل ما هو مقدس بنظر المواطنين ، فالمظلومية ووسائل رفعها شيء ، وتهديد أمن وسلامة الوطن شيء اخر ، وليس هنالك اي مبرر يبرر ما يحدث او ما يخطط له الاصلاح الحكومي بات وهماً في عقول الناس ، او كما صورته وسائل الاعلام ، بينما هو لا يحتاج الا الى مجموعة خطوات يتفق عليها الفرقاء ، وتقديم مصلحة البلد كما هو مفترض ، بينما اصبح الاعلام احد اكبر العوائق التي تواجه العملية الإصلاحية في العراق ، فكل خطوة تشوه ، ويتم تضليل الناس عن طريق الفبركة ، والإشاعات ، واختلاق احداث ليس لها وجود ، وبث السموم في عقول العامة ذات القدرة التحليلية البسيطة ، وتوجيه تحركات الجماهير لوجهات لا تمت للإصلاح بأي صلة ، وباتت الجماهير سلبية ، وتطبعت السلبية في عقول الناس ، وبات الحكم على الأمور طبعياً ولا يمت للعقلانية او التفكير العقلائي لا من بعيد ولا من قريب اي اصلاح لا يضع على رأس قائمته اصلاح الاعلام هو غير واقعي ، ولا يراعي الواقع ، ولا يملك رؤية اصلاحية واقعية وعميقة ، حيث من ابجديات اي عملية اصلاحية هو ازالة عوائقها او تفاديها ، اما التغاضي عنها فهو يعتبر التفاف على الاصلاح لانه سيكون مشوه بفعل الاعلام المزيف الذي يتلاعب بعقول وعواطف الجماهير ، مما يجعلها رافضة لأي تحرك حكومي ، كونه يعاني من تباين بين التحرك الحكومي الفعلي ، وبين ما يصل الى الجماهير من خلال وسائل الاعلام .