(تجربة شخصية)
شاركت عبر منصة zoom في الندوة الافتراضية لمعهد الدراسات الدولية والتي حملت عنوان (دور الإعلام الميداني في الحروب والأزمات)، والتي ألقيت فيها كلمات كثيرة من قبيل كلمة نقيب المحررين اللبنانيين و بعض أساتذة الإعلام، وكان للمراسل الميداني (حسين مرتضى)، حصة الأسد من الكلمات والتي اختتمت بتكريم عدد من الإعلاميين المشاركين في تغطيات الحروب في العراق و لبنان و سوريا.
ما يهمني من الندوة ما ذكره الإعلامي (حسين مرتضى) ضمن حديثه التي تضمن عدة دروس في التغطية والوطنية والمساهمة في صد الحرب النفسية والحرب الباردة.
حسين مرتضى قال بصوته الجهوري الجميل العالي ولهجته السورية المميزة: إذا وقع الاختيار بين قضايا الوطن والإعلام فنقدم الوطن على أية تغطية كانت، جاءت كلمته في معرض حديثه عن الحرب النفسية التي قادها عبر تغطيته الصحفية ابان معارك التحرير ضد الإرهاب في سوريا وكيف كان يتعمد الجلوس مكان الإرهابي (المحيسني)، في الجامع الأموي وعدة أماكن والتي حسبما قال خسر بعض الحياد والعلاقات والجمهور بسبب مواقفه تلك التي قصد منها ممارسة الحرب الإعلامية.
تذكرت وأنا أسمع دروسه في تغطية الحروب ما مررت به من مواقف عمدت بها الى ذات الحرب النفسية بشهادة من كان معي أثناء التغطيات من زملاء ومسؤولين، وهنا لست بصدد ذكر مواقفي تلك، إنما تذكرت شيئا أثناء ذلك له في قلبي حسرة كبيرة وغصة الى اليوم كلما تذكرته وبعد مرور عدة سنوات من استقالتي من العراقية، وأعترف لربما هو سبب رئيسي في قراري ذلك الموقف أرويه لكم كما هو بالضبط:
عندما وصلت الى مدينة سامراء عام 2014م في أوج الحرب ضد داعش الإرهاب وجدت أن العمليات يومها قد انتهت تماما وأعلنت خلال نشرة الثامنة مساءا وأثناء البث المباشر أن مدينة سامراء قد حررت بالكامل واستعيدت بشكلها الكامل وأن العمليات القادمة ستكون في تكريت بالتحديد.
فجرا اتصل بي مدير مكتب قائد عمليات سامراء و أبلغني أن اللواء صباح الفتلاوي يقول لكم استعدوا لمرافقة القوات المتجهة صوب تكريت للبدء بعمليات تحريرها , وفعلا كان معي مصورين أثنين قلت لهم ليبقى واحد و يرافقني الثاني حتى إن حصل حادث لا سمح الله يبقى أحدنا لنقل الأحداث الى مقر القناة في بغداد, و توجهنا الى تكريت مستقلين سيارة همر عسكرية مدججة بالسلاح والعتاد و هيأت لنا لالتقاط أية صورة وفي أي وقت نراه مناسبا , عندما وصلنا الى بوابة تكريت و انتشرت القطاعات و نودي الى سلاح الجو و هي الحرب بعينها التي أشاهدها لأول مرة عن قرب , أخذتني الغيرة على بلدي و على تكريت التي أراها لأول مرة و عمدت الى داخل القطعات و أخذت اللقاءات و الصور و حتى التقديمات و كل ذلك أثناء التراشق الحي بالذخيرة و حينما بدأت المدفعية و المدفعية المضادة بالتبادل الحي , و صار الوقت عصرا و قال لي أحد القادة أن عليكم الرجوع الى مقر العمليات خوفا عليكم , وأيدته من باب أن الساعة الثامنة بدأت بالاقتراب و أن علي أن أرسل بثا مباشرا حيا على الهواء .
الساعة الثامنة و مراسلنا من تكريت ( جلال طالب ) وأنا من أعلى سطح بناية قائمقامية قضاء سامراء و لا يوجد أي ضوء سوى ضوء الكاميرا الموجه عليه أثناء البث ,( هنا قدمت رسالتي و كأنني حاضرا الساعة في ساعة المعركة عند بوابة تكريت ) ,وقدمني مذيع النشرة على أنني في تكريت و فعلا أنني ساعة ذاك مراسلا للعراقية في تكريت و لست في سامراء , وبدأت بتقديم معلومات حية وواقعية بالوثائق والصور والأدلة عما يتركه الدواعش عند انسحابهم, وهكذا بقية الأيام أذهب الى تكريت منطقة منطقة و أرجع الى مكاني لأوافي من ينتظرني من العراقيين لأزف أنباء التحرير.
هنا أقول جهاز الإرسال ال SNG لا أستطيع أن آخذه معي لسبب كونه ثابت وهو المتوفر وما بقي بعد احتلال سامراء و هو جاهز للبث بفضل الجهود الكبيرة للزملاء في مكتب مدينة سامراء الذين رافقوني خطوة بخطوة , الغيرة والحمية والكم الذي ابحث عنه من المعلومات و ما أخاطر به يوميا على مدى 10 أيام يستحق أن أجعله مادة نفسية أقاتل بها العدو كما قال الإعلامي – حسين مرتضى – عندما يقع الاختيار بين الوطن وبين الأسس المهنية فالوطن قبل وبعد كل شيء .
ما حصل بالضبط و قلت لكم أن له غصة و حسرة في قلبي أن مدير الأخبار حينذاك أ. عباس عبود أرسل بطلبي من بابل الى بغداد ولم يكن الأمر طبيعيا حينما جلست في مكتبه فقد كان استقباله لي فيه شيء من عدم المبالاة لوجودي ,وأنا و من سمع الخبر أن مدير الأخبار طلبني للتكريم مقابل ما قدمته من إنجاز و تغطية و ردود فعل الناس في الشارع و العمل و المحافظة , حضر حينها مسؤول مراسلي المحافظات أ. علي الكناني على ما أتخطر أسمه , و أعلم علم اليقين أن شخصا ما من جعل الفكرة في بال الكناني لتقديمي ك متهم عند أ. عبود , لسبب وجيه جدا سأذكره لاحقا كدليل ( أ. عباس عبود قال لي كانت تغطيتك رائعة وممتعة وفيها كم هائل من المعلومات و أبهرت المتابعين و زادت من المشاهدين إلا أنك اقترفت فضيحة بحق قناة العراقية !!! قلت له باستغراب وما جرمي؟ قال لي: كيف تبث من تكريت وأنت في سامراء؟ أجبته وبصدمة واستغراب وكدت حينها أن أموت قهرا وحسرة: أولا: أن عمليات سامراء أعلنت انتهاء العمليات، وثانيا كل نهاري وجزء من الليل أقضيه وسط النار ومعلوماتي حية ومباشرة وضيوفي كلهم من تكريت فكيف لمهنيتي أن أقول إنني في سامراء !!!).
قلت له وأعطيكم الدليل الذي ذكرته لكم بشأن مسؤول المراسلين أ. الكناني أن أحدا حاسد مغرض كان وراء ترتيب الأمر (لو صحيح أنني تسببت بفضيحة للعراقية وأوفدت الى سامراء وتحدثت مراسلا عن تكريت لما جعلتموني إذا أظهر مراسلا للعراقية من تكريت لعشرة أيام وأكثر لماذا لم توقفوني منذ اليوم الأول؟).
أسألكم بالله أين الوطن قبال المهنية هنا؟ وأين التكريم بدل التجريم؟ وهل ينبغي للمسؤول أن يعترف بخطاه أم أنا المراسل المقاتل الذي استخدمت الحرب النفسية الباردة أن أعترف بخطأي، ثم في كل يوم نرى داعش تبث ضدا عشرات الأخبار والصور والتقارير المزيفة والكاذبة والمفبركة من باب ارباك معنويات المقابل ونسمع مدحا أنظروا كيف أن قنواتهم تقاتل معهم، فما بالنا نحن إن بالغنا في نصرة جنودنا وقواتنا نتهم ونجرم؟!!
أترك لكم الحكم والسلام…