23 ديسمبر، 2024 5:43 ص

اعتذار ايران وتورط العراق ولبنان

اعتذار ايران وتورط العراق ولبنان

المعروف عن الايرانيين انهم دبلوماسيين من الدرجة الاولى، وانهم يعلمون حجم قدرتهم الحقيقية على الارض، وانهم لا يجازفون في صراع يعلمون علم اليقين انهم خاسرون فيه، لذلك فأن ايران وان كانت تعطي لنفسها نوعا من الهيبة والعملقة والجبروت، الا ان الحقيقة المحضة ان المسؤولين الايرانيين على يقين تام بأن بلدهم لا تستطيع دخول مواجهة عسكرية مباشرة مع اي دولة.

هذه القناعة لدى الساسة في طهران جعلتهم يدركون ان الحرب بالنيابة هي الافضل لهم والاكثر سلامة، فتاريخ طهران الحديث مكتنز بالهزائم العسكرية، وان حرب الثماني سنوات مع العراق قد برهنت ذلك على الرغم  من فوارق القوة بين الدولتين لصالح ايران طبعا، لقد خاض الايرانيون اكثر من 150 معركة مع الجيش العراقي ولم يثبت بشكل قاطع انهم انتصروا في واحدة الا معركة الفاو والتي رد العراق عليها ردا كاد ان يطيح بنظام طهران.

لقد ظهر جليا عدم قدرة الساسة الايرانينون على تغيير هذا الجانب لاسباب كثيرة داخلية وخارجية، فاعتموا بعد تفكير وتدبير (وهم معروفون بذلك) على طريقة جديدة وهي الحرب بالنيابة، فجندوا لهم اذرعا واجنحة في معظم الدول الاقليمية عبر استخدام المذهب الشيعي دون الاسلام لكي يتمكنوا من كسب ثقة بعض العرب الشيعة للدفاع عنهم.

لكن يبدوا ان هذا السيناريو بدأ ينكشف شيئا فشيئا لدى العرب الشيعة لاسيما وان الظروف والوقائع اثبتت ان سياسة ايران تعتمد مبدأ ان كل خسارة خارج الحدود الايرانية تعتبر خسارة يدفع ثمنها العرب وان كانوا شيعة. بل واكتشف العرب الشيعة ايضا ان طهران ممكن ان تتصالح مع الدول التي تكّن لها العداء دون مراعاة من يقاتل معها خارج حدودها، وهذا ما حصل مع شيعة العراق والحوثيين وبشار الاسد وحزب الله اللبناني.

فبعد صراع اعلامي مرير دخلت ايران فيه بشكل متعصب مع السعودية وتركيا والخليج جعل اذرعها من شيعة العرب يذهبون معها وقبلها في هذا الصراع بعيدا، ها هي وبلمح البصر تتراجع عن الاحداث التي طالت السفارة السعودية في طهران بعد اعدام نمر النمر، وتؤكد على لسان مرشدها الاعلى “علي خامنئي” انها خطأ كبير وضد مصالح ايران، وبهذا تركت شيعة العراق و لبنان والذين مشوا خلفها ليدفعوا ثمن مواقفهم لوحدهم.

وعلى الجميع ان يعلم ان ايران لن تدخل حربا ابدا لانها ستخسرها سريعا، وربما تتعرض لثورة داخلية لاسيما وان مكونات الشعب الايراني من الاذريين والبشتون والاحوازيين واليهود والمسيحيين والاكراد وغيرهم قد بدأو بالمطالبة بحقوقهم كمواطنين، مما يجعل ايران تحت ضغط داخلي كبير، كما انها بدات تتعرض لنكسات ونكبات متتالية ابرزها هبوط اسعار النفط بشكل غير مسبوق، وخسارة اليمن كقوة ضمن المنطقة الخليجية، وتأسيس التحالف العربي العسكري الذي جعل ايران تشعر انها المقصودة من هذا التحالف، كما ان تركيا بدأت تشعر بخطوات ايران في ضرب العرب الشيعة بالسنة في محاولة للسيطرة على الخليج العربي فعمدت قبل اسابيع الى الاتفاق مع قطر على إقامة أول قاعدة عسكرية للجيش التركي ـ خارج أراضيها ـ تطل على الخليج العربي، كما كشفت أنقرة عن اتفاقية جديدة مع الصومال لإقامة قاعدة عسكرية كبيرة تضع قدماً للجيش التركي في خليج عدن الإستراتيجي، في خطوات رأى فيها محللون سياسيون أنها تكشف عن تغيرات حقيقية في السياسية الخارجية للحكومة التركية في مواجهة النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة والقارة السوداء.