من الواضح أن التجربة الديمقراطية العراقية، ما أضافت للطبقة السياسية الحاكمة كثيرا، سوى أنها زادت من أتساع الفجوة بينهم وبين الشعب.. حتى وصلنا لمرحلة تضخم إجتماعي مشوه، تتناسب طردياً مع البطالة، و غياب كلي لأي حل في الأفق، يمكن أن يحتوي هذا الكم الهائل من الأيدي العاملة العاطلة..
على مدار سبعة عشر عاما لم يفهم من السياسيين، سوى مبدأ السرقة وإدعاء الإصلاح، رغم أن هناك من أستخدمها مع دعاية أنتخابية فاشلة، هي السلاح وحماية الأعراض.. لتنتهي أربع دورات إنتخابية، تفاجئ بعدها الشعب بأن خزينة الدولة فارغة من الأموال، وعاجزة عن دفع راوتب موظفيها!
بدل أن تفعل ميزة دعم المستثمرين، عمدت إلى رفع سعر الدولار، ليعيش المواطن العراقي بين المطرقة والسندان.. فمن جانب بدأت أسعار البضائع بالارتفاع وتضاعفت، ومن جانب آخر ضرب إعصار التقشف كل التجار، لتنحسر الأعمال ويكثر الفقراء وتتسع أفواه الجياع.
أما تجربة السياسيين في الحكم، فلم يتعلموا منها سوى سياسة أستغلال القطيع وتبعيتها لهم، فزيادة الجهل وأرتفاع هالة تقديس البعض، وهذا يوفر لهم أصواتا إنتخابية تختارهم دون علم أو تدقيق، و تتيح لهم تحريك هذه الجموع بورقة حمراء.. ليحرقوا ما يرغبون بإحراقه، و من يقفم أمام مصالحهم يقومون بإنزال جمهورهم ليدعوا أنهم يريدون (وطن)..
المراهقين المغيبين بهذا الشعار، اسهل الأدوات، فيبدأ بعضهم بإشعال الإطارات ويقطعون الشوارع، وقوات الشغب تضرب تعتقل، والقنوات توثق وتطالب بإسقاط النظام.. والحياة متوقفه وغالبية الشعب متفرج، والسيناريو المضحك مستمر إلى حين أن يتفق الساسة فيما بينهم، وتهدأ الفوضى ولا تنتهي الأوضاع بعدها..
مثال ذلك ماحدث في الناصرية، بعد أن أعلن البرلمان أنه سيخصص لها مبلغ يفوق المليار لإعمارها، عندها شاهدنا جسورها تحترق، وساحاتها تمتلئ بالشبان لإقالة محافظها، وأستمر التصعيد فيها، وأستدرج لها المغيبة عقولهم.. لا ناقة لهم فيها ولا جمل من المليار، سوى أنهم يطبقون نظرية العقل الجمعي بلا شعور، وبعد أن أتفق الإصلاحيون مع حماة الأعراض على تقاسم الغنائم، حينها أنطفأت النيران..
هذه المرة حصلت التحركات لتعود وتشتعل في النجف والبصرة، لأن اللعبة قد راقت للبعض في أروقة الحكومة، وخصوصا عندما تبين أن إطاراً واحداً ممكن أن يجلب لك منصب المحافظ..
أما دماء الشباب فلا تحرك مشاعرهم، لأنهم في نظر الفاسدين حطبٌ يحرقونه كلما أرادوا أن تستمر سطوتهم في الحكم..
لم يبقى لنا أملٌ سوى أن ننتظر الإنتخابات، التي يبدوا أنها لن تقام سوى في موعدها في ٢٠٢٢ والمبكرة مجرد كذبه.. وشعار نريد وطن أصبح إشاعة لا تستطيع أثبات صحتها، لأن العبيد والأحرار يرددونها.