بين وعود المرشحين الوردية واستفاقة المنتخبين واتخاذهم العبرة والموعظة استلقيت على سرير الاحلام فوجدت نفسي محلقا في اجواء جديدة من الامل والسعادة واقواس قزح ملونة بزمن اجمل فحلقت ابعد وتوغلت في الحلم اكثر فرأيت بلدي قد صار قبلة للناس من كل حدب وصوب حتى الاوربيون يقصدونه بل يطلبون اليه اللجوء فكل شيء في العراق مغر ومشجع الشوارع جديدة ونظيفة والمعامل تعمل وتنتج وتصدر الفائض عن الحاجة وكل حقوق الانسان محفوظة ومصانة والنوادي الاجتماعية والنوادي الثقافية على احسن حال بل ان دار الاوبرا من كبريات الدور في العالم غاصة بالجمهور الذواق من عراقيين وعرب واجانب . سرحت بالحلم كثيرا فرأيت الاسواق الحرة .. ورأيت البنى التحتية والخدمات من افضل ما موجود في العالم بمدنه ودوله المتقدمة .. تفوق في الدراسة والابتكارات العلمية وتفوق في ساحة العمل .. كما رأيت النظام والتنظيم في كل شيء ليس هناك تجاوز على كل شيء يخص الدولة والناس تنعم بحقوقها المدنية واستحقاقاتها من ثروتها النفطية فصار دخل الفرد العراقي من اعلى مستويات الدخول في العالم نسبة الى ثروته وغنى بلده وارضه وكثيرا ما بهرتني الاضواء في الشوارع والاسواق والنظافة في كل شبر من مساحة المدينة كما بهرني الرضا على وجوه الناس وهم يرفلون في تحقيق احلامهم القديمة والجديدة والانهار صافية بل ان ماءها صالح للشرب والاسماك تـُرى في قيعانها .. يا للصفاء والبهاء .. والاوربيون – بما فيهم الاوربيات طبعا – يتجولون في الاسواق والحدائق العامة وهم منبهرون بنظامنا وحياتنا الديمقراطية الجديدة ويحسدوننا عليها لانا تفوقنا عليهم بتطبيقها العبور الى ضفة الحلم اسرع منهم فنحن اهل الحضارة والتاريخ ونحن اهل الثروة وبلدنا اغنى بلد في العالم ولأني حر بأحلامي وافكاري فقد حلقت بي عاليا وشاهدت العراق يتربع على اعلى درجة من النزاهة والشفافية والترتيب والتنظيم فرأيت اسمه في اعلى قائمة النزاهة والكفاءة .. فالمرشحون كلهعم كفاءات ونزاهات .. والمنتخبون يعرفون كيف يحددون مصيرهم فينتخبون النزيهين والكفوئين .. كانت افكاري ديمقراطية اكثر مما يجب واحلامي واسعة شاسعة لا شيء يحدها .. ولكنني كنت نائما في صدر سيارة صديقي وهو يقودها في انظف شارع في مدينتنا واحسسن بصدمة قوية رمتني بعيدا عن سرير احلامي الوردي فاستفقت وقلت ما هذا ؟ ما الذي جرى ؟ قال صديقي لا شيء لا شيء غرز اطار السيارة في حفرة من حفر الشارع فأنت تعرف ان حفرنا كثيرة ونحن طالما نقع فيها نفسها ثم نظرت قرب السيارة فوجدت صورة لاحد المرشحين قد مزقتها الريح والمطر وتساقطت وعوده الوردية على اسفلت الشارع المغطى بالغبار .. وهكذا وجدت الاحلام تتسرب من يدي بين الحفرة والوعود الخاوية …