22 ديسمبر، 2024 8:39 م

اصول الدولة الوطنية ومتغير النظام

اصول الدولة الوطنية ومتغير النظام

اخشى ان تكون تشكيلة الحكومة القادمة ,ما فيها مناصب مؤسسات الدولة العراقية ، اخشى ان تطيح بما تبقى من ركائز الدولة العراقية وذلك قياسا ومقارنة بما شهدناه طيلة 19 عشر عاما من خروقات لاسرار ووثائق الدولة العراقية.
و اشير هنا الى مؤسسات وادارات تخص اسس الدولة مثل : المخابرات ، الاحوال المدنية , دائرة الوثايق والعقود في رئاسة الحكومة , وزارة النفط ,مجلس شورى الدولة ٫شعبة الوثايق في وزارة الخارجية وو.. فهي مؤسسات تودع فيها وثائق اصول الدولة والاتفاقيات والعقود والمراسلات ….
والقلق الذي يؤرقنا هو ان الكثير من هؤلاء الذين يحكمون البلد منذ عام 2003 ،ليسوا رجال دولة وانما هم رجال نظام تشاركي من احزاب وكيانات وعائلات وشخصيات ،لدى بعضها امتدادات خارجية علنية وسرية ولا يتوانون عن تهريب وتسريب واحراق وتدمير وبيع الاصول العراقية ..
و غالبية هؤلاء غير مؤتمنين ولايؤتمن جانبهم في احتمال كشف اسرار ووثائق الدولة من اجل ابقائهم وبقاء نظامهم .
وفي السنوات الاولى، انفضحت التلاعبات التي طالت وثائق اصول المواطنة العراقية وهي وثائق توارثتها الانظمة السابقة منذ تاسيس الدولة عام 1921 .
وبعد عام 2003 جرى التلاعب باصول الاحوال المدنية وذلك لصالح منح الجنسية لعشرات الالاف من الاشخاص ممن ليست لهم اصول عراقية وهي اصول متكاملة موثقة بتقنية المايكرو فش ، بما فيها وثائق فلمية مصورة عبر الطائرات لمساحات الاراضي من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب وتشمل صور من الجو للمدن والقرى والعلامات الحدودية وغير ذلك مما له صلة بديمغرافية وطوبغرافية العراق . .
ايضا سمعنا الكثير عن نهب واتلاف صناديق في خزاپن البنك المركزي العراقي والتي تحوي سجلات الاحوال والمدنية وتعداد السكان ووثايق استقلال العراق …
فقد سرق احدهم نسخا من السجل المدني لمحافظة كركوك وسلمها للمخابرات التركية .
اخرون تلاعبوا بسجلات البصرة واصدروا الجنسية العراقية للمئات من الايرانيين . هذا فيما يجري الحديث علنا عن منح الجنسية لوافدين من سوريا ولبنان .
مناسبة هذا القلق هو ان جماعات معينة تدعم السيد محمد شياع السوداني ،تتصارع للاستيلاء على رئاسة جهاز المخابرات .وشعبة الوثايق في وزارة الخارجية لاسيما القسم المتعلق بوثايق اتفاقيات الحدود . !!!!
وقد خبرنا طيلة 19 عاما ان اغلب هؤلاء لايميزون بين عقيدتهم الدينية والسياسية وبين حفظ الامانة الوطنية. بمعنى اخر ان هؤلاء لايميزون بين الانتماء للوطن والدولة وبين الانتماء لنهجهم وتبعيتهم العقايدية ،سياسية كانت ام مذهبية ام دينية .
وتاتي هذه المخاوف مع انباء مؤكدة بان الولايات المتحدة سلمت الحكومة العراقية ارشيف الدولة الذي حفظته حكومة صدام حسين على اقراص مدمجه ويشمل الاتفاقيات منذ عام 1500 ووثائق العراق المودع نسخ منها لدى الامم المتحدة بالاضافة الى مستندات الاعتماد الدولي للعملات والاوزان والمكاييل وسجلات النفوس واصول العائلات العراقية وقوائم بممتلكات الدولة والاموال المجمدة والمصادرة ووو .
فهذه الوثائق الاصلية .كانت الانظمة المتعاقبة تحترمها وتودعها في مخازن آمنة وذلك بمعزل عن صراعاتها وانقلاباتها ، التي كانت تجري في اطار سياسي ولا تمس ركائز الدولة .
فالذين قاموا بانقلاب 1958. استلموا وثايق الدولة كاملة وواصلوا حفظها وترصينها .
الزعيم عبد الكريم قاسم ( لانه رجل دولة )..ففي ظهر يوم 9 شباط فبراير 1963 لم يكن همه الحفاظ على حياته وانما همه هو تسليم اوراق القانون رقم 80 لشخص مسؤول من الانقلابيين الذين طالبوه بالاستسلام .وتظهر صورة له وهو ويحمل الوثايق قبيل تسليم نفسه .
صدام حسين وعلى الرغم من ديكتاتوريته . الا انه حرص على ايداع جميع اصول الدولة العراقية في قبو وزارة النفط وابلغ الاميركيين بذلك لتفادي قصف الوزارة وبالتالي تسليم الاصول لمن ياتي بعده .
معظم الدول ، تحرص على حماية الاصول . فالمصريون يفتخرون بوطنية جهاز المخابرات الذي لم تتأثر بنيته رغم التحولات والانتفاضات .
الكويتيون انفقوا ملايين الاموال لاسترداد اصول ووثائق تخص السكان الاصليين والاتفاقيات المتعلقة بتأسيس الدولة
الجزائريون يتغنون بارثهم النضالي واصول تاسيس دولتهم وذلك على الرغم من تولي الحكم في بعض الحقب ، ضباط وروساء ،هم عملاء رسميون لفرنسا .
اي مواطن مغربي حتى لو كان كارها للملكية .تجده يدافع عن عائدية الصحراء الجنوبية ومركزها الساقية الحمراء. ويسرد لك الوثائق المتصلة بهذا الادعاء .
في ايران يجري تعيين اشخاص من مميزات وطنية خاصة لادارة السجلات المتعلقة باصول الدولة والامن القومي والجوازات والأحوال المدنية .. ولذلك سائق التكسي في شوارع طهران ، تنتابه الريبه والشكوك حينما تساله انت الراكب السائح عن اسم هذه البناية او عن عنوان مبنى وزارة ما. فهو ينثار بحسه الامني لحماية الدولة ويميزها عن النظام الذي قد ينتقده وربما يشتمه لانه واع للفرق بين الدولة كثابت وبين النظام كمتغير.