اثارت الاصلاحات الاخيرة التي اعلنها رئيس الوزراء العراقي بتبديل كابينة وزارته بوزراء تكنوقراط زوبعة اعلامية كبيرة تمثلت في تصريحات الكتل السياسية بين مؤيد ورافض ومترقب حتى شملت تلك التصريحات القوى السياسية كافة .. ما خلق اجواء من الفوضى العارمة بحيث اصبحت تلك الاصلاحات الامر الشاغل للجميع .. وامتدت تأثيرات هذه الاجراءات الى الصحافة العربية والاجنبية ، فرئيس القائمة العراقية اياد علاوي والسيد مقتدى الصدر قللا من اهمية الاصلاحات التي اعلنها رئيس الوزراء ونيته بتشكيل حكومة تكنوقراط.. ردود الفعل جاءت سريعة جدا فلم تمض سوى 24 ساعة على اعلان السيد العبادي حتى خرج اياد علاوي بتصريح اشار فيه الى ان معالجة الاختلالات وتصويب المسار لا يرتبطان بتغيير الوزراء وانما بوضع خارطة تعدل انحرافات العملية السياسية حسب تعبيره.
السيد مقتدى الصدر الذي جابه الاصلاحات باعلان ورقة اصلاح جديدة اعتبرها بديلة عن اصلاحات السيد العبادي معززة بخطاب تعبوي تضمن تهديدا ووعيدا بضرورة تشكيل حكومة جديدة من الوزراء التكنوقراط بعيدا عن الحزبية خلال مدة اقصاها (45) يوما لتنفيذ الاصلاحات وتقديم برنامج ومنهج حكومي يطبق خلال سنة .. وجاء التهديد بعبارات تتمثل بسحب الثقة من العبادي داخل البرلمان.
المشكلة ليست في كتلة الاحرار وائتلاف العراقية وحسب بل ان ذوي القربى اشد على العبادي من الاخرين ، فقد وصف عضو البرلمان العراقي عن دولة القانون صادق اللبان مشروع العبادي في الاصلاح بانه غير واضح مع انه يشتمل على تغيير وزاري شامل ووصف المعايير المعتمدة بانها تغشاها الضبابية فيما اكدت كتلة حزب الدعوة الاسلامية وهي جزء من ائتلاف دولة القانون دعمها لاجراء الاصلاح الجوهري ، لكنها دعت رئيس الوزراء الى الاعلان عن الاسماء المرشحة للوزراة الجديدة.
وهكذا عبر تحالف القوى العراقية عن دعمه المشروط لاصلاحات رئيس الوزراء وذلك بانهاء المحاصصة الطائفية .. ومع ان تحالف القوى اكثر القوى التي تعزف على الوتر الطائفي فان التحالف عد استبدال الحكومة الحالية بوزراء تكنوقراط يعني تشكيل حكومة اضعف من الحالية حسب ما جاء على لسان نورة البجاري عضو الكتلة .
اما التحالف الكردستاني فقد اعلن دعم الاصلاحات والتغييرات شريطة التنسيق بين البرلمان والحكومة حيث جاء ذلك حسب تصريح لعضو التحالف محمود عثمان مبينا ان التغيير لا يحل ازمة العراق . فالعبادي على حد – تعبير اشواق الجاف عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني – تعهد منذ البداية بانه سيشكل حكومة تكنوقراط لكنه في النهاية قبل بترشيحات الكتل السياسية .. الا ان كتلة التغيير ابدت موقفا اكثر مرونة حيث اعلنت تافكة احمد عضو البرلمان العراقي عن الكتلة عن تأييد كتلتها لاجراءات الاصلاح حتى وان شمل التغيير وزراء من ائتلاف القوى الكردستانية.
اما المجلس الاعلى فقد كان اكثر بروغماتية من الاخرين حيث دعا الى ان يشمل التغيير رئيس الحكومة نفسه وان عملية التغيير يجب ان تكون مبنية على تقييم وليس على قرارات غير مدروسة كما جاء في
تصريح على لسان النائب عن كتلة المواطن المنضوية تحت لواء المجلس الاعلى فرات التميمي مشيرا الى ان الوقت مؤاتٍ لاتخاذ قرارات تاريخية لتجاوز ما يعاني منه البلد.
وتساءلت كتلة بدر النيابية حسب بيان اصدرته بعد اعلان الاصلاحات: هل ان الاعفاء كان لفشلهم او لضعفهم او لفسادهم طالبة بيان معيار البقاء والاعفاء .. التيار الديمقراطي كان اكثر وضوحا في هذا المجال حيث اعلن ان موقفه ثابت بهذا الخصوص ويعني تأييده للاصلاحات وتجاوز المحاصصة الطائفية والاثنية ، فلطالما دعا التيار الى ضرورة ان يتم رفع اختيار الوزراء وبقية المسؤولين على اساس الكفاءة والنزاهة والخبرة هذه هي بعض اراء الكتل وهناك اراء اخرى صرح بها نواب في البرلمان العراقي ينتمون الى مختلف الكتل.
فبعد اي اجراء تصبح التصريحات السياسية رائجة والكل يبيع ويشتري يساهم في تأجيج الموقف ويعلن موافقة علنية لاي اجراء ومعارضة خفية لكل اجراء .. ووسط هذا الخضم علينا بناء دولة مؤسسات بعيدة عن تلاطم امواج الاختلافات والصراعات والمناكفات فهل تكرمنا الكتل السياسية بسكوتها ساعة بعد ان اصبحت خارج مساحة رضا الشارع العراقي الذي حملها سبب الخراب والفساد وعرقلة المشاريع التي يمكن ان تنهي الوضع القلق الذي يعيشه العراق منذ (13) عاماً .