اعضاء حزب السلبية – وهم الأغلبية – في مجتمعنا العراقي ، يملكون قدرات غير عادية وجلوداً سميكة تمكنهم من تجاهل الخطأ أو ابتلاعه ولايصابون أبداً بعسر الهضم مهما يبلغ عدد الأخطاء أو جل خطبها. وفي ميثاقهم كلمات تدل على الحكمة وسعة الأفق ، منها على سبيل المثال لا الحصر:- كبّر دماغك، أحني راسك ، عرّض فرشتك ، نمّق كلامك … وهم جميعاً يتفقون في مقدرتهم البطولية على العبور دون توقف أمام الخطأ ولايكلفون أنفسهم عناء فهم أبعاده أو تدبر كيفية تصويبه ، رغم اتفاقهم في الأداء إلا أنهم مختلفون في الدوافع ، فمنهم من يعلم جيداً أن بيته من زجاج ولايليق أن يقذف على الخطأ حجر أو حتى حصاة، ومنهم من تجرع كأس القهر والهوان وأدمنه ، ومنهم من احتوى في قلبه كل أنواع الخوف سواء الخوف من … أو الخوف على … ويحرص كل الحرص على أن يضيف دائماً لهذا الرصيد ولايبدو منه شيئاً ، والكثير منهم يرون أن ذاتهم ورغباتهم هي الأولى بالرعاية والاهتمام والقليل منهم من حاول أن يرفض الخطأ مرة.
لاخلاف أن التغاضي عن الخطأ يمثل دعوة صريحة للتعايش مع القبح ، وهل يمكن الانتفاع بثمار الاجتهاد الفردي في مجتمع شاع فيه أو يتهدده شيوع القبح ؟ أو ماذا ينفع ابن آدم لو ربح العالم وخسر نفسه ؟
الأمر الغريب ، أن تجاهل الخطأ أو ابتلاعه كاد يتحول إلى فن وعلم ، وصار له مبدعوه ودعاته وحواريوه . فكيف استطاعوا جميعاً وبهذه الأغلبية الخروج عن طبيعتهم كخلق جميل أبدعه خالق أجمل لايعرف إلاّ صناعة الجمال.
لانملك جميعاً إلا أن نقول (الله) عندما تدرك حواسنا جمال الصواب الذي يلتقي ومخزون جمال الفطرة في وجداننا . إذن أعضاء حزب الأغلبية – السلبية – هم المسؤولون حقاً عن تلك النار التي أحالت الوطن إلى جحيم ، من مواقعهم المختلفة ، تجاهلوا أخطاء عقد كامل … لالشيء سوى الحصول أو الفوز بأكبر قدر من المنافع المادية والشخصية وعلى تقديرات أعلى في فن التملق والرياء والقبح وإراقة ماء الوجه … وبالفعل حصلوا على هذه المنافع وعلى تقدير امتياز.
ليست مصادفة أن تكون قمة مفردات السباب في اللغة العربية هي (قبحك الله) ، وفي العامية العراقية (طاح حظك) ، فهي الأكثر دقة وتعبيراً في وصف حالة من أحب القبح والوضاعة وخرج بذاته وأدائه عن إطار الجمال الذي خلقه الله عليه.
هل أن للسادة أعضاء حزب الأغلبية – كل من موقعه – أن يعيد حساباته ويعتبر بمن سبقه ؟ وهل حان الوقت لبحث ومناقشة ملفات ساخنة للغاية مازال الوقت أمامنا لنخرج عن مألوف السلبية لنرى ونبصر ونتدبر ونتصدى لما شاع في حياتنا من قبح ؟
صحيح ، كان المناخ العام ومازال يحتاج لأن يسوده مفهوم واعٍ والتزام بنظريات الثواب والعقاب وتناغم ذلك وارتباطه بالحق والواجب وضرورة التوقف عن الارتفاع بـ (الأنا) على حساب قبول الآخر . صحيح أن الأمر يحتاج لمنظومة أفضل لمحاصرة القبح والقضاء عليه ، ولكن تظل نقطة البداية الصحيحة دائماً محصورة في إعلان حزب الأغلبية لرفض القبح وظهور سلوك عام يستقبح الخطأ ويعمل على تصويبه. صحيح أيضاً تفاوت المقدرة على تغيير الخطأ أو المنكر ولن يقدر على التغيير بيده إلاّ قلة محدودة ، وفي حالة عدم الاستطاعة يمكن قبول الرفض للسلوك الخاطئ ، وهو أضعف الأيمان.
[email protected]