23 ديسمبر، 2024 5:22 م

باركوا لي !
هنأوني!فقد اصبحت مديراً!!
كيف ذلك؟ وانت لم تتدرج وظيفياً الى ان وصلت الى مكانك هذا؟
الجواب بسيط: حزبي رشحني! الا تدرون ان دوائر الدولة كعكة تقتسمها الاحزاب الفائزة في الانتخابات!
ولكن لماذا انت بالتحديد؟ وهناك غيرك العشرات ممن هم احق منك واجدر واقدم وانشط وافضل واكثر استحقاقاً!
ما بكم الا تفهمون ما اقول؟ الامر لا يتعلق بالجدارة والكفاءة والقدم ابداً بل بقوة الحزب وحصته من الكعكة!
وعلى كل حال فلا تستمروا في سؤالي فأنا ايضاً عندي اسئلة لكم واتمنى ان تعينوني، فالإدارة ليست سهلة كما تتصورون!
فهناك في طريقي عقبات كثيرة يجب ان اتخطاها لأثبت نفسي على الكرسي لاطول مدة ممكنة فقد استنتجت من تجارب من سبقوني الى الكرسي انهم صنفان:
الصنف الاول: من اصحاب المباديء والقيم والاخلاقيات والقانونيات و(هالسوالف!) باشروا مهام عملهم بتغيير خارطة الدائرة واعادة تنسيب كل شخص في مكانه المناسب استناداً الى الخبرة والكفاءة والنشاط وقربوا المخلصين وابعدوا المتسلقين والمتملقين واصحاب المصالح فقامت الدنيا عليهم ولم تقعد!
قصدهم اولاد عمومتهم وجيرانهم ومعارفهم والاحزاب المتنفذة لتسهيل تعيين (س) و (ص) فأبوا ورفضوا واقسموا على انفسهم ان لا يستغلوا مناصبهم لمخالفة القانون والعدالة في التعيين والتقييم والتنسيب فكسبوا اعداءاً اكثر واكثر ولم يطل الامر حتى وصل الامر الى ان المتنفذين من الموظفين الكبار والحاشية التي كانت بالامس ترتع في حياض المدير القديم وضربت مصالحهم اليوم قاموا بأستغلال نفوذهم وسلطتهم لأيقاع صاحبنا المخلص في مصيدة الفساد التراكمي او الاخطاء الكيدية او استغلال سلطة احزابهم (نعم فنادراً ما تجد هؤلاء مستقلين!) في تسقيط صورة وسمعة صاحبنا الجديد واخيراً ضربوه الضربة القاضية وجاء كتاب عزله وتعيين (س) مكانه وانتهت القصة بسرعة حتى قبل ان تبدأ! وعاد صاحبنا الى سابق عهده موظف طبيعي ولم يحقق من ادارته شيئاً سوى كسب الكره والعداء من الذين حاول تطبيق العدل بينهم ومنهم مديره الجديد! ولكم ان تتصوروا ما سيفعل به انتقاماً من تلك الايام!!!
واما الصنف الثاني من المدراء اصحاب الادارات الطويلة والذين اثبتوا قوة وفاعليه مثبتاتهم على الكراسي فهم الذين اتبعوا نهجاً اخر يتمثل بالاتي:
فقد بدأوا مشوار ادارتهم بعد ان رشحتهم احزابهم الى هذا المنصب بتعيين كل الاقارب والمعارف والجيران والكوادر الحزبية من رفاقهم في الحزب وحجتهم في ذلك تقوية موقعهم ومكانتهم واكتساب السمعة الحسنة وترضية جميع الاطراف وبعد ان اطمأنوا من الخطر الخارجي اتجهوا الى الاخطار المحتملة داخلياً من قبيل معارضة البعض لسياساتهم او فسادهم الحتمي فقاموا بعمل جرد للموظفين لمعرفة من يمكن ان يشترى ومن يمكن ان يكون عيناً وذراعاً لهم فقربوه ومن يمكن ان يضرهم ويشكل خطراً عليهم فأبعدوه ووضعوه في مكان بحيث انه (لا يهش ولا ينش!) بعيداً عن الاضواء والعمل الحقيقي حتى لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم! وهكذا طال الامد بهم وقويت مكانتهم وثبتت جذورهم في اماكنهم وعاشوا عيشة سعيدة!!
فماذا تقولون؟ هل اتبع الصنف الاول ام الثاني؟ لا مجال للمقارنة حتماً! ولكنه واقع حال لن يتغير يقرر الجميع ان يكونوا من الصنف الاول او حتى يكون القانون قوياً ويطبق على الجميع بغض النظر عن انتماءاتهم وعندها ينجح الصنف الاول ويحقق شيئاً والا وفي الوضع الحالي فأصحاب الصنف الاول يثبتون فشلهم وسقوطهم الواحد تلو الاخر يومياً والى الله المشتكى.
امر اخر لا بد من الاشارة اليه وهو ان ارباب الحكم والسلطة والادارة السابقين قد نصحوني بأن لا افكر في البقاء حيث انا الى الابد فلا بد من يوم تتغير فيه اوراق اللعبة ويأتي من هو اقوى واكثر مكراً مني وينحيني عن الكرسي فما العمل عندها؟
وايضاً نصحوني بان ابدأ من اول يوم لي في السلطة باستغلال نفوذي وسلطتي لإرضاء المناصب الاعلى مني حتى اضمن لي مكاناً بين الكبار بعد ان تنتهي مدتي في الكرسي الحالي فلا وجود في العراق اليوم لمصطلح (مدير سابق) او (مسؤول سابق) حيث ان اصحاب هذه المسميات هم اناس مسحوقون معدمون مجرد ذكرهم بهذا اللقب يعني فشلهم في اللعب مع الكبار!
فمن يصعد ويتمسك بكرسيه مدة طويلة لابد ان يكمل المشوار ويستمر بالصعود ولو على اكتاف الغير ولو على جماجمهم فالكرسي ينادي احبابه ويغريهم بفعل اي شيء للبقاء عليه اطول مدة ممكنة.
فإذا كان هذا حال مدير في دائرة بسيطة معزولة في زاوية من زوايا الدولة مترامية الاطراف، فما الذي يحصل في الرئاسات العلياً !!!؟؟؟
اللهم نستجير بك من سوء عملنا ووحشية زماننا وتعاظم الفساد حولنا انك سميع مجيب الدعاء