23 ديسمبر، 2024 1:58 ص

اصالة المسح على القدمين في الوضوء بدليل القران الكريم وصحاح المسلمين

اصالة المسح على القدمين في الوضوء بدليل القران الكريم وصحاح المسلمين

الخلاصة
كان كبار الصحابة والتابعين علي بن ابي طالب وابن عباس وانس بن مالك وعبد الرحمن بن ابي بكر واخاه محمد وابن عمر وعكرمة , والحسن البصري والشعبي ومجاهد وقتادة والضحاك والأعمش وعلقمة ومُحَمَّد بْن عَلِيٍّ أبو جعفر الباقر، وَجَابِرِ بْنِ زَيْد , ومن أصحاب القراءات المتواترة, ابن كثير وحمزة وأبو عمرو وأبو جعفر وخلف وعاصم , ومن المفسرين والفقهاء الكبار الذين أقروا بمسح القدمين لا غسلها في الوضوء , وان الطبري , وابن حزم الأندلسي , وأبو بكر الرازي الشافعي , وسيف الدين الآمُدي الحنبلي , وأبو حيان الأندلسي , كانوا يمسحون ارجلهم بالوضوء , كما ان بنو هاشم لم يمسحوا على الخفين ولم يغسلوا الرجلين بل كانوا يمسحون الارجل ويدعون لها ولهم مواقف اعتراضية على من نسب الى رسول الله ص الغسل للأرجل , ومنها اعتراض ابن عباس على الربيع بن معوذ واعتراض الامام علي ع على اصحاب الراي بقوله باطن القدم اولى بالمسح من ظاهره الا انني رأيت رسول الله ص توضأ هكذا , وهناك فقهاء ومفسرون اعترفوا بأن اية الوضوء غير قطعية في الغسل وأنها ظنية تحتمل معنى المسح ك علاء الدين البخاري الحنفي وابن رشد المالكي وابن العربي المالكي وأبو بكر الجصاص الحنفي وأبو القاسم الكرماني والشوكاني , هؤلاء أعلام اسلامية مشهورة عملوا في تقديم المسح على الغسل، وجمهور أهل السنّة يحتجّون بأقوالهم في مجالات مختلفة، فلماذا يعرضون عنهم في مسالة الوضوء؟
من الملاحظ ان مؤيدي فكرة غسل الارجل كثيراً ما يترددون في القطع ، فيذهب البعض منهم إلىٰ جواز المسح ، بينما يقول آخرون بوجوب واستحباب الجمع بين الغسل والمسح ، وحيرتهم في هذا الباب تضعف حجتهم , لان القران نزل بالمسح قطعيا وفكرة الغسل جاءت برواية , لذا نجد هناك من يتهرب من الاستدلال بالآية إلىٰ الركون إللروايات التي تؤيد وجهة نظره بروات من مؤيدي الحكم الاموي .
أن القرآن الكريم هو الأصل ، والسنة لا ينبغي أن تعارضه ، وادعاء أن الآية تعني المسح على الخفين لا دليل عليها مطلقا.
المقدمة
الوضوء واحدة من المسائل الفقهية التي اختلف فيها المسلمون ، فجمهور أهل السنة يدعي وجوب غسل القدمين ـ مع خلاف بينهم ـ ويستندون في ذلك إلىٰ بعض الأدلة ، بينما يقول الجعفرية بوجوب المسح ـ بلا خلاف بينهم ـ وعدم جواز الغسل , ولكون الوضوء من المسائل الفقهية المتعلقة بالعبادات، والتي هي جديرة بالبحث والدراسة لما فيها من متعلق بأحكام الطهارة التي هي مقدمة الصلاة ، فاذا صح الوضوء صحت الصلاة , اضافة ان الله تعالى قال: في محكم كتابه الكريم (انَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ – البقرة – الآية 222) ولأهمية الوضوء , فان القران الكريم بين طريقته تفصيلي كما في قوله تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْن- المائدة- 6 ) لكن الفقهاء اختلفوا فيه لغويا بمفردة أَرْجُلَكُم .
في هذه الدراسة المتواضعة , عرضت أقوال الفقهاء من الصحاح الستة في هذه المسألة وتوسعت بها، لغرض الوقوف على كيف كان النبي الاعظم ص واهل بيته واصحابه النجباء يتوضؤون ؟ وهل حصل تغير في كيفية الوضوء ؟ ولماذا ومتى؟! لقد عرضت طريقة الوضوء المسحي والقول الراجح فيه بالدليل القراني والسنة النبوية الشريفة .
الفقهاء قالوا القران نزل بالمسح , لكن السنة جرت بالغسل , وفي هذه الدراسة نريد ان نبين ان السنة الحقيقية جاءت بالمسح ايضا حيث من الاستحالة ان السنة تخالف او ترد ما جاء بالقران !!!.
اخيرا اقول ان هذا الجهد المتواضع حرصت ان اقدمه للمؤمنين للتبصير في دينهم , فان كان صوابا , فالفضل لله تعالى وان كان فيه خطا او تقصير فمني, .
اسال الله تعالى ان يكون ما اعدده خالصا لوجه واهداءا لرسول الله ص واهل بيته الاطهار
الوُضُوءُ في اللغة
مأخوذ من الوضاءة بمعنى: الحسن والنظافة والضياء, سمي الوضوء الشرعي بذلك؛ لأنه نور من ظلمة الذنوب ولما يضفي على الأعضاء من وضاءة بغسلهما ومسحهما.
الوضوء في الاصطلاح
غسل الوجه والايدي ومسح مقدم الراس والارجل الى الكعبين
معنى الوضوء
الوضوء بضم الواو اسم للفعل وهو استعمال الماء في أعضاء مخصوصة وبفتحها اسم للماء الذي يتوضأ به وهو مأخوذ من الوضاءة الحسن والنظافة والضياء من ظلمة الذنوب وسمي بذلك لما يضفي على الأعضاء من وضاءة بغسلها وشرعا استعمال الماء الطهور في الأعضاء وهي الوجه واليدين
ادلة الوضوء
اولا- الدليل القرائني
أ – الوضوء المسحي
اختلف القراء في قوله تعالى “وأرجلَكم”؛ فقد قرأها نافع، وابن عامر، والكسائي، وحفص عن عاصم: بفتح اللام عطفًا على المغسول من الأعضاء – الوجه واليدين (غسل الرجلين) وقرأها ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، وشعبة عن عاصم: وأرجلِكم بكسر اللام عطفًا على الممسوح – الرأس- فيكون حكم الارجل المسح , ولكن حتى القراءة بالنصب فهي أيضاً توجب مسح الرجلين لمحل نصب (أرجلَكم) على أنه مفعول به للفعل (امسحوا) أ وعطفا على محل النصب من (رؤوسكم) فإنها في محل نصب مفعول به للفعل (امسحوا)
وحينئذٍ ينتهي التعارض ويسقط ويتبين الحق وخصوصاً لو علمنا بأن الآية الكريمة لا يصح حملها على الغسل في النصب وفي الجر لأن النصب يجب أن يحمل على العطف على محل (برؤوسكم) لأنه مفعول في الواقع ولا يمكن أن يعطف على أيديكم لوجود عامل جديد بعد انتهاء تلك الجملة الأولى, فهي جملتان في الواقع لا يجوز أن يعطف على عامل في الجملة الأولى مع وجود عامل معطوف عليه في الجملة الثانية
فقد ذكر الطبري في (جامع البيان 6/175) من فسر الآية بالمسح في قراءة (أرجلكم) بالجر قال: وقرأ آخرون من قراء الحجاز والعراق: (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم) بخفض الأرجل وتأويل قارئي ذلك كذلك أن الله إنما أمر عباده بمسح الأرجل في الوضوء دون غسلها، وجعلوا الأرجل عطفاً على الرأس فخفضوها لذلك
قال الرازي في تفسيره 11/16): إن العاملين إذا اجتمعا على معمول واحد كان اعمال الأقرب أولى, فوجب أن يكون عامل النصب في قوله (وَأَرْجُلَكُمْ) هو قوله (وَامْسَحُوا) فثبت أن قراءة (وَأَرْجُلَكُمْ) بنصب اللام توجب المسح أيضا
ابن حزم في (المحلى2/56) قال القرآن نزل بالمسح قال الله تعالى: (( وَامسَحُوا بِرُؤُوسِكُم وَأَرجُلَكُم إِلَى الكَعبَينِ )) وسواء قرئ بخفض اللام أو بفتحها هي على كل حال عطف على الرؤوس , إما على اللفظ , وإما على الموضع لا يجوز غير ذلك لأنه لا يجوز أن يحال بين المعطوف والمعطوف عليه بقضية مبتدأه , وهكذا جاء عن ابن عباس: نزل القرآن بالمسح ـ يعني في الرجلين
في احكام القران قرا ابن عباس والحسن وعكرمة وحمزه وابن كثير ارجلكم بالخفض وتأويلها المسح (مصنف عبد الرزاق 1|19باب غسل الرجلين) من هنا نعرف اصالة المسح على القدمين
ثانيا – الدليل الروائي
ب – الوضوء المسحي
1- نقل الشيخ نجم الدين العسكري حديثا عن ابي مطر قال: بينما نحن جلوس مع امير المؤمنين علي ع في المسجد على باب الرحبة , جاء رجل فقال: ارني وضوء رسول الله ص وهو عند الزوال, فدع قنبر فقال ائتني بكوز من الماء, فغسل كفيه ووجه وغسل ذراعيه ومسح راسه واحده ورجليه الى الكعبين ثم قال اين السائل عن وضوء رسول الله , كذا كان وضوء نبي الله ص (مسند احمد 1| 158)
لقد كان السائل يريد صحة الوضوء والظاهر وجود خلاف حول الامر بين الوضوء المسحي والغسلى ان ذاك !!!.
2 – عن رفاعة ومالك بن رافع أخوين من أهل بدر ، قال بينما نحن جلوس عند رسول الله ، أو رسول الله جالس ونحن حوله ، إذ دخل عليه رجل فاستقبل القبلة وصلى ، فلما قضى الصلاة جاء فسلم علىٰ رسول الله وعلىٰ القوم ، فقال له رسول الله : « وعليك ، ارجع فصلِّ فانك لم تصلِّ » ، فجعل الرجل يصلي ونحن نرمق صلاته لا ندري ما يعيب فيها ، فلما صلىٰ جاء فسلم علىٰ النبي وعلىٰ القوم فقال له النبي : « وعليك ، ارجع فصل فانك لم تصل » ، قال همام : فلا أدري أمره بذلك مرتين أو ثلاثاً ، فقال الرجل : ما ألوتُ فلا أدري ما عبت علي من صلاتي ، فقال رسول الله : « إنها لا تتم صلاة أحدكم حتىٰ يسبغ الوضوء كما أمره الله ، فيغسل وجهه ويديه إلىٰ المرفقين ، ويمسح برأسه ورجليه إلىٰ الكعبين ، ثم يكبر الله ويثني عليه … » فوصف الصلاة هكذا أربع ركعات حتىٰ فرغ ثم قال : « لا تتم صلاة أحدكم حتىٰ يفعل ذلك » (سنن الدارقطني 1 / 95 ـ 96))
3 – قال الامام علي (ع) لو كان الدين بالراي لكان باطن القدمين احق بالمسح من ظاهرهما
ولكن رأيت رسول الله (ص) مسح ظاهرهما (كنز العمال 9|262 – سنن ابي داود 1|42 – مصنف عبد الرزاق 1|19- ومصنف ابي شيبة 1|25)
4- كان ابن عباس يقول ابو الناس الا الغسل ولا اجد في كتاب الله الا المسح (سنن ابن ماجه1|156 باب ما جاء بغسل القدمين)
يعني الناس انساقت تبعا لراي الدولة وان الامر سلطوي وليس تشريعي وكان الحجاج يلزم الناس بغسل الارجل
5 – عن ابن عباس : قال رجل كم يكفيني للوضوء؟ قال : مد, قال: للغسل ؟ قال: صاع, فقال الرجل : لا يكفيني, قال : لا أم لك, قد كفى من هو خير منك. أخرجه الهيثمي في (مجمع الزوائد1/ 218
فكيف النبي ص يشرع غسل الرجلين في منطقة الجزيرة التي تعاني نقص الماء؟
6- عن عباد بن تميم بن عاصم عن ابيه قال رأيت رسول الله ص توضأ ويمسح الماء على رجليه (اسد الغابة 1|216)
7 – عن عكرمة قال ليس على الرجلين غسل انما انزل فيهما المسح (تفسير الطبري 6|129وتفسير القرطي 6|92)
8 – عن رفاعة بن رافع انه كان جالسا عند النبي ص فقال انها لا تتم صلاة لاحد حتى اصبغ
حتى اصبغ الوضوء كما امره الله تعالى بغسل وجه ويديه الى المرفقين ويمسح براسه ورجليه الى الكعبين (سنن الدارمي 1|350 والدر المنثور للسيوطي 3|27)
9 – روي عن انس نزل القران بالمسح (القرطبي 6|92)
10- عن اوس بن ابي اوس قال رأيت رسول الله ص اتى سبطة قوم فتوضأ ومسح على قدميه (تفسير الطبري 6|134)
11 – في العهد العباسي كان ابن جرير الطبري يرى جواز المسح على القدمين ولا يوجب غسلهما لذا نسب الى الرفض وكان قد رفع في حقه ابو بكر بن داود قصة الى الحاجب يذكر عنه اشياء فانكرها(الكامل في التاريخ 7|9 )
12- لم يذكر خلاف في عهد النبي(ص) وعهدي الشيخين ابو بكر وعمر بل في منتصف خلافة عثمان , فانتشر الوضوء الغسلي عن طريق حمران بن ابان مولى عثمان وعمرو بن شعيب حفيد عبد الله بن عمرو بن العاص
13 – عن عامر (الشعبي) أنه قال: أمر أن يمسح في التيمم ما أمر أن يُغسل في الوضوء وأبطال ما أمر أن يمسح في الوضوء الرأس والرجلان بمعنى وما كان عليه الغسل جعل عليه المسح وما كان عليه المسح أُهمل (المسح في وضوء الرسول (ص) – محمد الحسن الآمدي – الصفحة ١٢٠)
14 – كان عكرمة يرى ان وضوء الامام علي ع هو وضوء رسول الله ص مع ان عكرمه مخالف لعلي في العقيدة حاله حال الشعبي وانس بن مالك ,لكن لم يخالفه في المسح على القدمين دلالة على اصالة هذا الفعل الموافق للسنة النبوية
15 – قال داود الأصفهاني: يجب الجمع بينهما، وهو قول الناصر للحق من أئمة الزيدية. وقال الحسن البصري، ومحمد بن جرير الطبري: المكلف مخير بين المسح والغَسل”. تفسير الرازي ج11، ص161
16 – كان الامام علي اذا سجد كبر واذا رفع راسه كبر واذا نهض من الركعتين كبر قال عمران بن الحصين قد ذكرني هذا صلاة محمد او قال لقد صلى بنا محمد الان (صحيح البخاري 1|272 باب التكبير باب اتمام التكبير في السجود وصحيح مسلم 1|295 ) بينما عثمان حين كبر وصعف صوته تركه (مسند احمد 4|432 ) وان معاوية تبنى فقه عثمان في ترك التكبير المسنون وعدم قراءة البسملة
الوضوء الغسلي
عند ما نستعرض الروايات التي تقول بغسل القدمين ، نلاحظ أنها في معظمها تنتهي أسانيدها إلىٰ بعض الصحابة والتابعين المعروفين بولائهم لبني أُمية ، مما يؤكد أن بدعة غسل الرجلين هي من إختراع بني أُمية وولاتهم الذين كانوا يشجعونها ويحملون الناس عليها في محاولة لمحق السنة النبوية الشريفة وتغيير أحكام القرآن .
انظر ماذا يوصي سفيان الثوري (يا شعيب لا ينفعك ما كتبت، حتى ترى المسح على الخفين، وحتى ترى إن إخفاء ” بسم الله الرحمن الرحيم ” أفضل من الجهر به، وحتى تؤمن بالقدر، وحتى ترى الصلاة خلف كل بر وفاجر، والجهاد ماض إلى يوم القيامة، والصبر تحت لواء السلطان جائر أو
عدل) تحفة الأحوذي : ص 352 « المقدمة
هذا النصّ يوقف القارئ على أن أصول سياسة الحكّام كانت مبتنية على مخالفة الامام علي ع في نهجه وفقهه ، وإن في قول سفيان لتؤكّد على إطاعة السلطان برّاً كان أم فاجراً
اما تبرير الوضوء الغسلي فهو الحديث المروي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ص رَأَى رَجُلًا لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَيْهِ ، فَقَالَ: وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنْ النَّار( صحيح مسلم 242 )
اننا نقول ليس العذاب منصبًا على العقب فقط, إنما على صاحب العقب, لعل النبي(ص) رأي الصحابة يقصرون في مسح أرجلهم وهم على عجل, فرآهم يقصرون في ذلك تقصيراً فاحشاً لا يمكن السكوت عليه, لأنه من الواجبات, او أنّ قوماً من أجلاف العرب، كانوا يبولون وهم قيام فينتشر البول على أعقابهم وأرجلهم فلا يغسلونها ويدخلون المسجد للصلاة، وكان ذلك سبباً لذلك (مجمع البيان 2 / 167) ويؤيّد ذلك ما يوصف به بعض الأعراب بقولهم: بوّال على عقبيه .
ان اشاعة الخلاف المذهبي حركته الدوافع السياسية فاتخذت من الفقه طريقا للخلاف
فالتشكيك في السيرة النبوية سببها العداء لاهل البيت (ع) الذي انتهجتها الخلافة الاموية وسارت عليها الخلافة العباسية وورثتها الاجيال اللاحقة , فكان منادي الدولة الاموية ينادي لا يفتي الا عطاء بن رباح (تاريخ دمشق 40|385) ومنادي الدولة العباسية ينادي لا يفتي الا مالك بن انس (وفيات الاعيان 4|135 ) وكان الحكام يستغلون الامور الشرعية ويفرضون اراءهم الفقهية لأغراضهم السياسية وبقي هذا النهج الى يومنا هذا.
لقد كان معاوية يحصر العطاء في محبي عثمان فيقول للسائل اني اشتريت من القوم دينهم ووكلتك الى دينك ورايك في عثمان(تاريخ الطبري 4|180وتاريخ دمشق 10|279) حاول معاوية شراء ذمم بعض الصحابة وكن له ذلك , لكن عبد الرحمن بن ابي بكر عصى عليه ورد اليه رشوة 100 الف درهم قائلا ابيع ديني بدنياي (صحيح البخاري 6|2671)
انظروا حال كبار الصحابة مثل انس بن مالك قال الزهري دخلت على انس بن مالك في دمشق فرايته يبكي فقلت ما يبكيك قال لا اعرف شيئا مما ادركت الا هذه الصلاة وهذه الصلاة قد ضيعت (صحيح البخاري 1|198باب تضيع الصلاة) فأصبحت العبادة جسدا بلا روح وقالبا بلا محتوى
قال موسى بن أنس لأنس ونحن عنده: يا أبا حمزة إن الحجاج خطبنا بالأهواز ونحن معه فذكر الطهور فقال: أغسلوا وجوهكم وأيديكم وأمسحوا برؤوسكم وأرجلكم , وإنه ليس شيء من ابن آدم أقرب إلى خبثه من قدمية , فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما , فقال أنس: صدق الله وكذب الحجاج، قال الله: (وَامسَحُوا بِرُؤُوسِكُم وَأَرجُلَكُم)( جامع البيان – إبن جرير الطبري – ج ٦ – الصفحة ١٧٥)
ومن المعلوم أن الحجاج بن يوسف الثقفي هو أحد ولاة بني أُمية الطغاة ، ومن أكبر مروّجي سياساتهم ، وتصرفه يدل علىٰ محاولته علىٰ حمل الناس علىٰ غسل الرجلين مخالفة للكتاب والسنة
وهل يمكن ان نطمئن لفقه الحجاج الذي يرجح عبد الملك بن مروان على رسول الله ولا يرضى بزيارة قبر النبي (العقد الفريد لابن عبد ربه 5|42)
عن ابي مالك الاشعري انه قال لقومه اجتمعوا اصلي بكم صلاة رسول الله ص فلما اجتمعوا قال هل فيكم احد غيركم قالوا لا الا ابن اخت لنا قال ابن اخت القوم منهم فدعا بجفنة فيها ماء فتوضأ ومضمض واستنشق وغسل وجه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ومسح راسه وظهر قدميه ثم صلى بهم وكبر 22 تكبيرة (مسند احمد 5|342 والمعجم الكبير 3|280)
نستدل من هذا ان الاشعري يريد ان يعلم قومه الوضوء والصلاة الصحيحة, لكن يخاف السلطة فيسال هل فيكم غريب؟ وهذا دليل على ان المسلمين مجبرين على وضوء وصلاة غير هذه الصلاة
(البخاري 1/134): عن غيلان عن أنس قال ما أعرف شيئاً مما كان على عهد النبي(ص) قيل: الصلاة!؟ قال: أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها. وعند بعض رواة البخاري للصحيح: (أليس صنعتم ما صنعتم فيها؟!)
امر مثير للعجب
أعجب كل العجب من ادعاء البعض أنَّ الامام علي ع باب مدينة العلم وعبد الله بن عباس حبر الأُمة وترجمان القرآن وأنس بن مالك مفتي المدينة كانوا يمسحون ارجلهم ثم رجعوا عنه إلىٰ الغسل ! فاذا كان هؤلاء الصحابة الثلاثة بالذات ـ وهم أكثر الصحابة لصوقاً بالنبي ـ لا يعرفون وضوء النبي ص وظلوا فترة طويلة يمسحون ، فمن الذي يعرف وضوء النبي إذاً ؟! وإذا كان أنس قد اعترض على الحجاج فهذا يعني أنه قد فعل ذلك في أواخر عمره ، فمتى رجع عن القول بالمسح إذاً ؟ هذ يكشف لنا أن غسل القدمين ما هو إلا بدعة أُموية في مقابل السنة النبوية الصحيحة ، وكم لها من مثيلات، كبدعة ترك معاوية للتلبية بغضاً لأمير المؤمنين ع ، وترك الجهر بالبسملة وغيرها من الأُمور التي يستطيع الباحث أن يجدها في أكتب الصحاح.
قال ابن عباس اللهم العنهم فقد تركوا السنه من بغض علي وقال اللهم العن فلان لانه ينهى عن التلبية في هذا اليوم يعني يوم عرفة لان عليا كان يلبي فيه (سنن النسائي 5|253 باب التلبية بعرفة ومسند احمد 1|217 ).