اعتقد إن الاعتداء على هيبة الدولة ومؤسساتها الامنية بالفوضى والاصرار الذي شاهدناه في شوارع منطقة الدورة ، كما في الافلام التكساسية في اميركا الثلاثينيات ، لايتعلق بمدير جديد بديلا عن مدير قديم انتهت صلاحياته ولا حتى بمكاتب اقتصادية أو حتى أراض زراعية تسرق للتقسيم الحزبي ..
الاعتداء حقيقة يرسم بسوداوية واقعية مستقبل عملية سياسية تستطيع مجموعة مسلحة تحت ظل الدولة من اسقاط مؤسسة حكومية بقوة السلاح دون ان يدري رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة بذلك !
قضيتان قلناها ونكررها ، هما الفساد والسلاح المنفلت بما يجرّه حضورهما القوي والفاعل ، هما سرطان العملية السياسية في البلاد. صحيح ان شكل الاشتباك أو الاعتداء على وجه التخصيص ومبرراته كما جاء في بيان لتحالف السيادة ” طالما حذّرنا في تحالف السيادة من خطورة ومآلات السلاح وعصابات اللادولة، التي باتت تتقاتل فيما بينها على سلب أراضي السكان الأصليين لمناطق وأحياء جنوب بغداد، والتي تتعرض لعمليات تغيير ديموغرافي طائفية، وبقوة السلاح الذي يحمل عناوين وصفات مختلفة”.
اذن التغيير الديموغرافي الذي يقود الى مآلات سياسية تتعلق بالتركيبة السكانية وما ينتجه من انعكاسات على العملية الانتخابية وبالتالي على التمثيل الشعبي وارادة المواطن السياسية !
وهو ما حدده بيان للتحالف جاء فيه ” تحالف السيادة يُطالب بلجنة تحقيق شفافة وعادلة، تكشف للرأي العام جرائم الاستيلاء على أراض واسعة جنوبي بغداد، لصالح قيادات وأفراد نافذين في الجماعات والفصائل المسلحة، وأن تُوقف نزيف التغيير بهوية وتركيبة بغداد عموما، ومناطق وأحياء جنوبي بغداد على وجه التحديد. ونؤكد أن الاستيلاء الظالم على أراضي أهلنا في جنوب بغداد سيتبعه محاولة خسيسة للاستيلاء على أصوات الناخبين ومصادرة قرارهم السياسي، بالترغيب والترهيب”..!
وكان زعيم تحالف السيادة خميس الخنجر قد حذّر من سلوكيات من هذا النوع في اجتماعات سابقة في ائتلاف إدارة الدولة، وفي لقاءات مع أصحاب القرار في قوى سياسية شريكة في الحكومة، وهو ذات الموقف الذي سبق أن تبنته المرجعية الدينية.
ننبه السيد السوداني الى ان معالجة مثل خطورة ماجرى يوم الاحد من انتزاع كل صلاحيات الدولة لصالح السلاح المنفلت وصراعات الفساد المالي ، لاتتم من خلال الكلاسيكيات المتعارف عليها بتشكيل اللجان التي يجري تمييع الحقائق التي تكشفها او هي نفسها تتلاعب بالحقائق على الارض ..ننبه ونقول ان الموضوع أخطر من أن يمر مرور الكرام لأنه دون أي تدليس ومناورة يتعلق بمستقبل العملية السياسية برمتها وبالطريقة التي يتعامل بها العالم الخارجي مع الدولة العراقية ” بهيبتها ” ومؤسساتها وحتى دستورها المركون في الادراج يغطيه تراب النسيان والاهمال والتجاوز والانتقائية !
نعم ماجرى في شوارع الدورة، وهو ما يمكن ان يتكرر في أي منطقة في البلاد ، يعد مؤشراً خطيراً لعملية سياسية واقفة على حافات الهاوية !!