لا يختلف اثنان ان الآلة الاعلامية لمليشيات داعش كانت لها السبق المعلى وهي تصارع الاعلام المضاد وكانت هذه الالة لما لها من مرصود مالي وخبرات عالمية وقنوات متميزة في تحريف الحدث وتغيير في السلوك البشري للأشخاص الذين يتوقعون ان يصطدموا مع عصابات داعش وفعلا نجحت هذه الالة وبقوة ليس لها منافس بل ان هذه الدعاية الاعلامية التي تسير امام تلك العصابات كانت تطيح بالمدن وقواتها وتزرع الرعب في قلوبهم قبل وصول تلك المليشيات الى اهدافها وشاهدنا ذالك في الافلام التي تحاول داعش من خلالها ان تزرع ذالك الخوف في تلك النفوس مهما كانت قوية وصامدة
..
لعل الانسان البسيط له الحق ان يخشى مثل هؤلاء وتنطلي عليه مساعيهم ويسقط في حبال الرعب الذي ارادوا له ان يزعزع هؤلاء ويجعلهم صغارا امامه ,ولكن ان تجد شخصيات بمستويات قيادية وقيادات عسكرية يتحدث عن تلك التحركات الاعلامية ويصفها بأنها تؤثر على تحركات الجيوش والمقاتلين فهذا يعني وجود خلل ما ليس في مسيرة تلك الالة بل في نفوس الناس والقادة اقصد والمقاتلين اللذين يذهبون الى القتال وقد سلموا بالموت والانتصار كخيارات لا شريك لها مهما كانت هذه المؤثرات على العامة والمدنيين فأنها غير مسموحة بالتأثير على اناس يمثلون القوات المقاتلة
للبلدان والمناطق ابدا وألا فأن ذالك يعني ان هؤلاء يقدمون دعاية مجانية لداعش في الاستمرار في مشروعها الاجرامي وهم يكونون اليد المعينة لهم .
في تصريح امام قنوات التلفزة والفضائيات خرج السيد وزير الدفاع وبالمباشر وهو يتحدث عن حصوله على معلومات من مدينة الموصل وبواسطة الاستخبارات العسكرية والأهالي المساعدين لقوات الجيش ان عصابات داعش اقامة اسوار ضخمة في مناطق الموصل وأتجاهاتها الاربعة لمنع دخول وعرقلة القوات العسكرية الفاتحة والقول للوزير (ان تلك العصابات اقامت خندق حول مدينة الموصل وبعشيقة واستخدمت في حفره الصبية وبأعمار 15 سنة ) ..
سور الخلافة وهو عبارة عن خندق مائي حول المدينة العملاقة مدينة الموصل التي يصل تعدادها الى اربع ملايين نسمة وفيها من المداخل والمخارج على مدن العراق الاخرى اكثر من مئتين مدخل بعضها معلوم ومعلم على الخرائط والآخر يستخدم للتواصل والتنقل بين المدن الموصلية الاخرى وبين مدن الشمال والجنوب ومهما كان هذا السور الذي تحدث عنه وزير الدفاع فهو لايمكن ان يكون قد احاط بمدينة الموصل ابدا لأن ذالك من المستحيلات فالمساحات المترامية للمدينة والتداخلات مع بعض اقضيتها ونواحيها والمدن الاخرى الامنة من داعش لا يمكن ان تكون قد مر بها هذا الخندق
المخيف الذي تحدث به الوزيروللاسف الشديد . معلوم ان المعرقلات الميدانية موجودة وهي في تطور مستمر كتطور نوع الاسلحة والتكتيكات العسكرية فمن الخنادق الى الاسلاك الشائكة الى حقول الألغام الى السواتر المرتفعة الى الجدران الكونكريتية واليوم الجدران المكهربة بين البلدان وتستخدم فيها الكاميرات ونقاط المراقبة وهذه احدث انواع الاسيجة الدفاعية في الوقت الحاضر ,,
طبعا الحديث اليوم عن هذه المعرقلات الميدانية لا يمكن ان يأخذ من القادة العسكريين في حسابات المعركة الا المرور عليه مرور الوقت الذي لا يتجاوز النصف ساعة الى الساعتين ومهما كانت تلك الاستحضارات العسكرية لكن هذا الحديث طبعا يختلف كليا ونوعيا اذا كانت المعركة بين الاطراف المتحاربة تستخدم السيوف والنبال والحمير والأحصنة والإبل فمثل هذه الخنادق تأتي أكلها وتعيق المهاجمين ربما لأيام وقد يطول لأسابيع لكن مع هذا لا يتحدث بها القادة آنذاك ويقللون من همة جنودهم لأنهم سيجدون الطرق الكفيلة بتجاوزها ولكل معركة حساباتها اما اليوم فأن تلك
المعرقلات لا تعني شيئا في الحسابات وربما الوقت الذي تطرقت له بنصف ساعة الى ساعتين كثير وكبير ذاك لأن الامر لا يعدوا تجاوزه بأستحضارات عسكرية قبل المعركة بيوم او يومين لتهيئة الممرات قبل ساعة الصفر ..
الاسلحة المتطورة من طائرات ومن دبابات ومن اسلحة حرارية مع الاسلحة والاليات الساندة كل تلك تجعل من ذالك الحديث خطأ فادحا الخوض فيه ..ليكن خندق مائي عملته قوات داعش واستخدمت الصبية لحفره وأكيد مثل هذا الخندق لا يتجاوز عرضه بالكثير ستة امتار اعتقد ان جرافة عملاقة تستطيع ان تفتح هذا الخندق بثلاث دقائق وهي تسير وبعرض سيارتين وبالتالي تسمح للمشاة الراجل العبور اما اذا كان بعد الخندق معرقل ملغم فأن الكاسحات والمقذوفات الحرارية كفيلة بفتح ثغرات في ذالك الحقل فالهندسة العسكرية اليوم في تطور مضطرد ومتسارع ولديها الكثير من الحلول
والافكار والاليات الحديثة التي لا يمكن ان تتوقف عند خندق مائي او حقل الغام او سياج مكهرب .
مدينة الموصل تختلف كليا عن اي مدينة عراقية اخرى دخلها داعش فتضاريسها الجغرافية وطبوغرافيتها مختلفة عن الرمادي وتكريت وديالى وبابل كذالك التركيبة السكانية الموجودة في المدينة لها سلوكيات ومدن مختلفة في الطرازات فالبعض على النهر والبعض من تلك المدن على سفوح الجبال والبعض في مناطق سهلية مترامية الاطراف والبعض يقع على منطقة هضاب هذا التنوع في الرسم الجغرافي يجعل من صناعة اسوار للخلافة في الموصل ضحك على ذقون المساكين ليصدقوا هذه الدعاية السمجة ويسوقوها ايضا الى القوات والى الناس الذين يعتقدون انها ستعرقل التحركات العسكرية ..
للاسف الشديد ان البعض قد نصب لتلك المليشيات الغازية نفسه بوقا للدعاية بقصد او بدون قصد متصورا ان المتلقين سيصدقون بأطاريح فاسدة لا تعي من الحقائق الا مظاهرها ولا تتعمق في الحقائق متى سمعنا وعلى مد التاريخ ان خندقا او سورا او مرتفعا اعاق جيشا ومنعه من التحرك والتراجع كم من المدن والانهار والمرتفعات والهضاب والاسوار والجيوش تجاوزها هولاكو حتى وصل الى بغداد ؟..
وكم من البحار والانهار والاسوار عبرتها القوات الاسلامية لتصل الى ضالتها في اسبانيا والى مشارف الصين ؟,,اعتقد ان مثل هذا الحديث يجب ان لا يسمع من وزير الدفاع وكان من الاجدر بالسيد الوزير العودة الى مستشاريه والتشاور معهم قبل تسويق مثل هذا الحديث وسور الخلافة الذي حفرته صبية الموصل .