23 ديسمبر، 2024 3:30 م

اسوأ الاختيارات …

اسوأ الاختيارات …

نحن في العراق، نتقن اختيار جلادينا ومفسدينا وبوعي كامل طوال مسيرتنا الوطنية والتاريخية الحافلة بالاحداث المؤلمة والحروب الدموية. فالعراقي نادراً ما يختار قادته باجواء حرية سائدة، واذا فعل فانه يميل الى اسوأ الاختيارات.. والمؤسف في الأمر، انه لا يندم، والدليل، ان الامر تكرر ثلاث مرات، وترى العراقيون يعرفون الوقت، ويهدرون الحبر والورق لتبرير فعلتهم وتثبت المقولة التاريحية، بأن المذهبية والمناطقية والعشائرية والدعم الاجنبي… يفرض به العراقيون خياراتهم؟

العراق الآن بلد صغير محاط بجيران اقوياء، ويحيا في بيئة تتفاذفها الاهواء وتعصف بها المصالح العربية والاطماع الدولية والطموحات الدينية… والغريب في الامر، ان المرء من بعيد يستغرب كيف ان هذه الظروف بمجموعها او بمفردها تتفاعل في دماغ الناخب العراقي وتحمله الى اختيار الورقة الغلط في صندوق (الغباوات) عفواً الاقتراع.

دلوني على دولة في العالم تتباهى بتكريم من ينتهك سيادتها وتاريخها وتطلق اسماءهم على شوارعها ومدارسها وساحاتها وتهمل تكريم ابطالها وقياداتها التاريخية!!

دلوني على شعب يخطئ في اختيار ممثليه وقاداته مرة بعد مرة ولا يرف له جفن ولا يئن من سوء الاختيار!!

هل يختلف عراقيان بان التمثيل البرلماني في العراق كما هو وكان منذ 9/نيسان (9/ عارنا) لا يعكس طموحات وآمال واحلام العراقيين؟

وهل نجد بين الشعب العراقي مواطناً واحداً راضياً على قيادته، ولكنك تراه في اول فرصة انتخابية يعود الى خياراته التقليدية التي تفرضها العصبيات الدينية والمذهبية او القبلية او المناطقية او …..

سمها ما شئت، انها السوسة الغريبة التي تنخر في دماغ كل عراقي ولا يعرف كيف يبرأ منها في سلسلة من التجارب تتكرر مرة بعد مرة اخرى وكلما حانت الفرصة لتصويب الاتجاه واختيار المسلك الطبيعي تمهيداً لقيام الدولة التي تعكس تطلعات الشعب… تراه يغرق في آتون جديد من نار الفتنة التي تأكل الاخضر واليابس وتدمر البشر والحجر.

بلاد تتعرض للتدمير والخراب الذاتي او الاعجمي مرة بعد مرة وتحرص على التمسك بقياداتها او انها تستبدلهم بمثلهم وكأننا اشبه ب (ثور الناعور) لا رحنا ولا جينا!!

لو ينظر العراقيون بهدوء الى الوراء ويسترجعون تاريخ بلدهم منذ 9/ نيسان وما بعده حتى لا نذهب بعيداً، لا بد ان يعودوا الى رشدهم ويرفضوا واقعهم ولكنهم على العكس تماماً تراهم اكثر تمسكاً بجلاديهم وربما اكثر اعجاباً بمكرهم ودهائهم ومناوراتهم، ولو سألت عاملاً في اي بلد في العالم هل يقبل ان يجدد العهد لقيادات تدم بلده وتدمي شعب وتبقى راسخة الجذور وشامخة تزداد ثراء وجاهاً وبطشاً وانتهازية…

مطلوب وقفة ضمير وحملة واسعة لتوعية هذا الشعب الذي يحرق وطنه وارزاقه في آتون جراح النزاعات السياسية، ان يستوعب واقع بلده ومستقبله ومصير ابناءه واحفاده….

العراقيون اقبلوا اليوم على امتحان جديد ـــــ مرحلة ما بعد الموصل ـــــــــــ ويفترض بالهيئات والمؤسسات المدنية والثقافية، ان تبدأ حملة توعية منذ اليوم لتوجيه المواطنين بالتحرر من تقاليدهم وعاداتهم المألوفة، وانه قد حان الاوان للانعتاق من العصبيات الفئوية والمذهبية وتحكيم العقل والضمير لاختيار قيادات جديدة واعدة تنقذ البلد من هذه الدوامة البائسة.

ايها العراقيون، حباكم الله ارضاً جميلة، وبلاداً تستحق ان تحافظوا عليها وتحموها باهداب عيونكم وليس حمل السلاح في وجه بعضكم بعضاً.

السياسيون ينتعشون في التخاصم والتقاتل ويستفيدون ويبنون الدور والثروات… والشعب هو دائماً الذبيحة السهلة التي تفترس على معابدهم التي ترفع رايات الدين والدنيا وكل الاباطيل دفاعاً عن مصالحهم وحماية لاطماعهم في غفلة عن مصالح الشعب ومستقبله.

لنهم يبحثون عن مستقبلهم وهو يترجم باثارة العصبيات والنعرات التي ينتعشون في ايقاظها، وهل يصلح ذلك لانقاذ البلاد والعباد وبناء مستقبل واعد لشعبهم؟

المشهد ساذج وبسيط، انظروا اليهم كيف يتخاصمون وكيف يتصالحون بين ليلة وضحاها، وفكروا ملياً بهذا المشهد الدرامي ثم عودوا الى ضمائركم وعبروا هذه المرة – مادام الوقت لم يمر ايام على 10 حزيران عن رفضكم وتنكركم لهذه الطغمة الفاسدة التي تنخر في البلاد فساداً وخراباً….