23 ديسمبر، 2024 6:49 ص

اسلام الروح النابع من درجات العلم واليقين .

اسلام الروح النابع من درجات العلم واليقين .

ان الحياة التي نعيشها فيها الكثير من الأسرار والتي يعتبرها الفلاسفة الغربيون من خارج المعسكر الإسلامي أمثال أرسطو وأرسطو طاليس وفيثاغورس  وغيرهم  من الذين لهم عقول متميزة عن الآخرين ،لأنهم استخدموا عقولهم تحت علم الأخلاق الحميدة التي أوصلتهم إلى الرحمة الإلهية ونيل نسبة من مقامات علم الكمال ،لأنهم أداموا عقولهم في التفكر في آلاء الله عز وجل لان

” التفكر حياة عين البصيرة “ولكنهم رغم ذلك يصدموا بواقع مرير لان ” الواقع فوق تصور العقول البشرية ”  

حيث وجود عالم البرزخ وسط عالم الدنيا وهو عالم غيبي فيه من الحقائق ما لم يخطر على قلب بشر من الحقائق والدقائق الغائبة حتى على العقول السليمة ما لم يلهمه الله تعالى من علمه المخزون ويصل الى نيل الحكمة التي لا ينالها الا ذو حظ عظيم ،

 فان أصحاب العقول النيرة يرون بعقولهم أفعال البشر فيها الجبر وبعض الأفعال فيها اختيار مثل نظرية الإمام الصادق عليه السلام التي فيها إجابة على السائل عن أفعال الخلق فقال

 ( لا جبر ولا تفويض ، إنما هو أمر بين أمرين)

وهذا الكلام بحد ذاته علم غيبي لا يدرك مغزاه الا برحمة إلهية وهو علم يقذف في القلوب بالهام من الخالق العليم كما قال الإمام الصادق عليه السلام :

” إنما هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء ويحب من عباده “

 لأنه علم حضوري وليس حصولي كسبي ،

فمهما وصل الفرد في علمه الكسبي الذي يأتي من خلال القراءة والتعلم ونيل مقامات الكمال الذي ليس له حد معلوم  “وفوق كل ذي علم عليم ” فلا بد من توقف في نيل المقام الأسمى حتى في العلم الحضوري الغيبي من داخل المعسكر الإسلامي الإيماني ، فيكون الخطاب الإلهي

“ذلك مبلغهم من العلم “

لان هناك مقام لا يستطيع اي فرد اجتيازه الا بفعل اختياري يأتي من ذات الفرد بقناعة تامة وليس فيه تدخل خارجي بعمل جبري في إرادة الفعل ،

 وهذا الاختبار يحصل للعقول النيرة من أصحاب نيل الكمال السائرين في طريق الله عز وجل ، فإذا اجتاز المقال ارتبط عقل العرضي بالعقل الطولي وما يسمى بالعقل الفعال ” وهذه فلسفة اليهة خاصة لأهل الكمال ”  وهذا الاجتياز هو مقام الولاية التشريعية التي فرضها الله على المسلمين وخاصة على الذين يبغون في نيل الكمال الأسمى للوصول الى معرفته عز وجل ،  مع العلم بان مقام الولاية التكوينية تسري على جميع خلق الله من خلال الفطرة التي فطر الناس عليها .

فأصحاب العقول العرضية الذين استخدموا عقولهم بالتفكر في آلاء الله وفي خلقه

كما أوصانا عز وجل بقوله

” قل سيروا في الأرض وانظروا كيف بدا الخلق .. “

فعند إكمال العقول العرضية لحقائق الأمور تنتقل الى دقائقها طوليا بخط عمودي تصاعديا من الأرض الى السماء  بمثال العروج ثم تبدأ الحالة عكسية  من السماء الى الأرض لنزول المعارف الإلهية والفيض العام او الخاص بحسب الأداء والاستعداد .

ولكن متى ترتبط العقول العرضية بالعقول الطولية – العقل الفعال ؟

الجواب  يكون ذلك متى ما أدركت الغاية من معرفة الحكمة الإلهية من خلال بدايتها ومنتهاها،وهذه من أعظم النعم التي يتلقاها الفرد وهي من الأسرار التي لا ينالها الا ذو حظ عظيم، عندها يصبح

“كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا “

الرزق المعنوي النازل من السماء   لتغذية العقل معنويا وهو العلم لأنه غذاء الروح

كما قال تعالى  ” ولو اتقوا وامنوا لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم “

وهو الرزق المادي والرزق المعنوية الذين يكونان غذاء للروح والجسد .

فالمعيار الأول بعد الأخلاق لنيل العلم النازل هو التقوى والثاني هو الإيمان،

والإيمان له درجات وأعلاها مرتبط   بصاحب الولاية التشريعية الذي نصبه الله عز وجل حجة على جميع خلقه وبابا لمن أراد ان يدخله جنته ،

فالإيمان يأتي بعد الإسلام  فالمؤمن مسلم ولم يعد المسلم مؤمنا ،لان لابد  ان يعلم الإيمان بمن بعد إيمانه بالله ورسله وكتبه ،

 ولهذا قال تعالى :

” لا تقولوا آمنا بل قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم”

فمن اجتاز الاختبار وخرق الحجاب الذي هو مقام الوقوف المرحلي  يبدأ بالرقي لعلوم اكبر  فيتلقى العلوم من الرسول والإمام صلوات الله عليهم عن طريق الإلهام وعن طريق الرؤيا ،

” ان الذين قا لوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة “

فالرسول والإمام أفضل من الملائكة في التعليم لان الملائكة تتلقى منهم العلم.

فيترقى  بنيل الدرجات العلى من المقام الأسمى  الى مقال الشاهد ويصبح من اهل البيت عليهم السلام  كما وصل لهذا المقام الصحابي سلمان الفارسي المحمدي عندما قال رسول الله صلى الله عليه واله سلمان منا اهل البيت .

وبعد هذا تبدأ مرحلة جديدة لنيل درجات اعلى من المقامات السابقة ،

حتى يصل الى منزلة

” علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل ” كما صرح به رسولنا الكريم في الحديثين

وعند الترقي الى مقام أعلى يصل الى  مقام علماء أمتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل

وهو مقام الأفضلية وليس المثل ، فيصل الى المقام الاسمي انمى به اسمع وابصر”

بعد ان كان في مقام كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به…الخ

فيصبح في مقام  ” بي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي ينطق …. “

حتى يصل الى المقام الذين ذكره الباري عز وجل بقوله

” عبدي اطعني تكن مثلي ”  حينها تتحد الإرادتين بالفعل الواحد،

اما في حديث المعراج قال تعالى

(من عمل برضائي أمسكته ثلاثة خصال علما لم يخالطه جهل ومحبة لم يؤثر

على محبتي محبة المخلوقين _ الى ان قال : وكنت بصره الذي يبصر به وسمعه الذي يسمع به

ولسانه الذي ينطق به ويده الذي يبطش بها )

 وقال تعالى في حديث آخر وفيه مقام أعلى

( بي يسمع وبي ينطق وبي يبصر ويبطش )

 فهذا مقام عالي الشأن حيث تكون إرادة الله وإرادة العبد واحدة كما وصل الى هذا المقام

العبد الصالح الخضر (ع) وكما في سورة الكهف عندما قال الخضر لموسى(ع)

(إنما به اسمع وأبصر  (وهذه القصة قصها القرآن في سورة الكهف من الاية 66 الى الاية 78

حيث ارسل الله نبيه موسى الى الخضر ليتلقى بين يديه علوم المعرفة  “العلم اللدني ” ويكون معلما له من اجل ان يستعد لحمل الرسالة السماوية .

فقال تعالى ” فأرسلناه الى عبد من عبادنا أتيناه من عندنا رحمة وعلمناه من لدنا علما”

وأفضل من وصل لهذه المعرفة هم فلاسفة العرب بعد الإسلام ممن اتبعوا وصايا رسول الله صلى الله عليه واله وانخرطوا تحت جناح صاحب الولاية التشريعية حجة الله ووصي نبيه الكريم  اسد الله الغالب علي بن ابي طالب عليه السلام ،

وتخلقوا بأخلاق الله تعالى وهي أخلاق محمد واله كما شهد الله بها فقال

“وانك لعلى خلق عظيم ” فعلينا الاقتداء بهم  والتخلق بأخلاقهم والسير على نهجهم الذي انتهجه الله لهم لنيل الرضوان الأكبر ذلك الفوز العظيم .