23 ديسمبر، 2024 1:14 م

بمجرد ان انهى قراءة رواية باولو كويلو الخيميائي، حتى راح يعد العدة لتحقيق اسطورته الشخصية، ( اذا رغبت في شيء فان العالم كله يطاوعك لتحقيق رغبتك)، كم يكذب هؤلاء الكتاب، انهم يتلاعبون بالعقول، دائما يجعلوننا نزرع الوهم لننتظر ان نجني ثماره في يوم ما، فنقع فريسة لوهمنا الخادع، لا اعتقد ان مهمة الكاتب مهمة عسيرة، خصوصا اذا كانت باتجاه حصاد الاوهام، لم تكن لي اسطورة شخصية، ولم يساعدني العالم على تحقيق اي هدف من اهدافي، واحلام الانبياء التي تقمصها الراعي، لم تصادفني، ولم اتلق اية اشارة.

هكذا هو يسخف الاشياء بعد الانتهاء منها، حتى اول قبلة، مع شعوره بلذتها وانه فيها حقق انجازا كبيرا، كان يريد ان يرويه للجميع، اختفت بعد يوم او يومين، وصار يسخر ممن يصرف الوقت والمال من اجل قبلة او حتى من اجل شيء اكبر من هذا، لم يكن يفكر بالمال الا عندما كان يحتاج اليه، بل على العكس السنين التي عمل في التجارة فيها كان يمقتها، كانت خالية من كل شيء ماخلا دفاتر الحسابات وزحمة الاموال ،تذمر كثيرا، هل ولدت لاكون آلة حاسبة، دمر كل شيء وغادر التجارة بحثا عن اسطورته الشخصية التي لم تتضح معالمها.

كان يطمح ان يحقق شيئا في عالم الادب، وبعد جهد، اكتشف ان هذا العالم ربما كان مزيفا اكثر من غيره، فطبع مجموعتين شعريتين فاشلتين، خجل حتى ان يوزعهما على معارفه، صور حسية ومواقف لشبق لم يمر به ولم يحياه بحياته الخجولة حد الحرمان، الشيب يغزوني ولم تتضح بعد اسطورتي الشخصية، كنت مولعا بعالم الاحجار ولم اجد في طريقي مايتكلم عنه باولو كويلو، لااوريم ولاتوميم، ولم ار ملكا، فقط تعرفت على فتاة غجرية، سردت لي قصة حبها وابكتني ومن ثم اسكرتني فغادرت كنعان وانا باردأ حال.

فاطمة البدوية ابنة الواحة لم تكن في خياله سوى مليكة الفلاحة التي عشقها، وهو يدور في المزارع القريبة من البيت، حيث يتيه في عالم السكون والطمأنينة قرب السواقي والغدران، كانت تراوده قصة حب قاتلة، لكنه لم يقدم خطوة باتجاه تحقيق اسطورته الشخصية، كم فاطمة وفاطمة تسربت من بين يدي، ولم تظهر معجزة واحدة او اشارة بسيطة، آه امي علمتني على النظر نحو الارض عندما اسير، قالت ان الارض تحتوي على الاشياء الثمينة، فكنت اخرج واسيح لساعات بلا اية فائدة، خصوصا بعد المطر.

في الآونة الاخيرة وبعد انحسار الادب الواقعي، صارت الفنطازيا مهمة جدا، وصارت الغرائبية هي المعول عليها، مايعني كم تستطيع ان تلف وتدور على عقل القارىء وعواطفه فانت ناجح في عملك وتحصد الجوائز لذلك، حتى الحوار صار هامشيا، فترى الفلاح يتكلم بلسان الفيلسوف، والانسان البسيط يتنبأ بنبوءات الانبياء، لم تكن لي اسطورة شخصية، فقد استعبدني الطغاة، من الخدمة الالزامية وقبلها الدراسة المفروضة، حتى الوظيفة اللعينة، من اين تأتي الاسطورة الشخصية، وانا كنت احلم ببيت مستقل، او حتى غرفة اضع بها مكتبتي، واختلي الى نفسي، اسطورتي الشخصية الساذجة لم تتحقق حتى الآن.

حتى حبيبتي لم اتزوجها كانت الطائفية ماثلة امامي، وتلقيت درسا بالغا بسوء المستقبل الذي لم يتحمل اية اشارة او مصادفة، اية غجرية تفسر احلامي المتعلقة بالقطط الميتة ، الاحلام المتكررة، لايدخل الكنز كحافز لتحقيق اي شيء، فالكنوز صارت من مهمات كتب التراث التي تتحدث عن المعجزات، والتي دخلت ادمغتنا على يد ابطال مقدسين، لانستطيع المساس بمعجزاتهم الكبيرة، لكنه مع كل ما قاله استيقظ صباحا ورأى كتابات مبهمة على ساعده الايسر، ارتعب وخاف وفسر الامر بوجوه عديدة، وجاء دور الخيميائي ( ابو احمد) طالب كلية الطب المفصول، انها اشارات كبيرة، وتفسيرها بسيط.