لجنة المساءلة و(اللا) عدالة في كل مرة يقطع عقلها بفصل شريحة من المجتمع العراقي بحجة ان هؤلاء كانوا بعثيين ومن اعوان النظام السابق . فمرة يطال الفصل اساتذة جامعيين ، وتارة موظفين حكوميين ، وطوراً مهندسين فنيين ، واخيراً وليس آخراً قضاة يعملون في المحاكم ، والله هو العالم غداً من سوف يناله الفصل ، وعلى رأي احد المطربين العراقيين : ( هم زين بيد الله الهوا مو بيدك ) .
فلو كان الهواء بيد اللجنة المذكورة لقطعته على كثير من الناس وادّعت في وسائل الاعلام بان هؤلاء بعثيون لا يستحقون استنشاق هواء العراق .
هل تعلم الهيئة الموقرة بان مئات بل آلاف من البعثيين قد تسربوا على احزاب سياسية حاكمة ، بعد ان بدلوا قناعهم من علماني الى ايديولوجي ثيوقراطي ! .
انا هنا لا اريد الدفاع عن البعثيين ، لأنني معم ( كجه- مرحبة) ، لكن الحق يجب ان يقال ولو ان طعم الحق كالشري ( الحنضل) . وفي الحكمة : قل الحق ولو على نفسك . لكن هيهات ، ومن يفعل ذلك ، لا صاحب هذه السطور ولا جد جده . وكان ابو الحسن يقول : ان قول الحق لم يدع لي صديق . لذلك كان كثير الاعداء ، كما كان يعّبر . ولو رجع الزمن القهقري ووصل الى زماننا هذا ، لنال الامام الفصل (الاجتثاث) وهو هو .
بعض المواطنين تساءلوا مستغربين : هل نستورد قضاة من الصين ؟ ! وانا اقول : بل يجب ان نستوردهم من اليابان ، او من مناشئ عالمية اخرى ، والسبب ان البضاعة الصينية رديئة وغير جيدة ، والعهدة على المستورد العراقي ، الذي دفع رشاوى بالعملة الصعبة لفلان السياسي ولعلان المسؤول وجاءنا ببضاعة هي (حاجة بربع ) . والعراقي المسكين يشتري ولا يسأل ، والآية الكريمة تقول : (وقفوهم انهم مسؤولون) .
القاضي هو موظف حكومي حاله حال عبود المسكين الذي يعمل في امانة بغداد بأجور يومية كي ينظف شوارع بغداد الحبيبة ، ويتمنى ان يناله التعيين الدائم ، لكن محال ، اذ ليس لديه وساطة ولا اوراق فئة المائة دولار ، فالوظيفة صعبة و لا ينالها الا ذو حظ عظيم ، وعبود حظه اغبر لأنه ولد في زمن اغبر ، زمن الحرامية واللصوص ، وسراق قوت الشعب .
الفرق اذن ، بين القاضي وعبود ، ان القاضي موظف دائم ، وان مهنته صعبة جداً ، لكنه محكوم بدستور وقانون ومبادئ انسانية واخلاقية وتربوية ووطنية ، فهو عندما يريد ان يصدر حكماً او قراراً فانه يستعرض كل هذه الاشياء ويضعها نصب عينيه ، ولو لم يفعل ذلك فانه خائن لكل هذه المعاني والقيم . وانا لا اريد ان اقول بان القضاة نزيهون مئة بالمئة لان ( ماكو زور يخله من الواوية) .
ثم ان هناك مسئلة جوهرية : وهي ان النظام قد تبدل وان الدستور قد تبدل وان الساسة قد تبدلوا . وان هؤلاء القضاة اصحاب خبرة ولديهم باع طويل في هذا المعترك ، فهل تريدون ان تجلبوا لنا قضاة انصاف متعلمين وعلى مقياسكن ويحكم بما تؤمرون ! . ونصيحتي ان تنظروا الى مصلحة العراق ومصلحة الشعب ان كنتم تعقلون . واللهم اشهد اني قد بلغت .