19 ديسمبر، 2024 12:21 ص

استهداف البيت الحرام وغيره .. وضرورة المواجهة الفكرية

استهداف البيت الحرام وغيره .. وضرورة المواجهة الفكرية

إن عملية حل المشكلة أو الأزمة والقضاء عليها لا تتم إلا من خلال إتباع المنهج السليم القائم على أساس القراءة الدقيقة، والدراسة الموضوعية، والتشخيص السليم، والتحليل المنطقي، والإحاطة الكاملة بكل حيثيات المشكلة وظروفها الموضوعية، وكل هذه الخطوات ينبغي أن تتم خارج دائرة التسييس والتوظيف، وركوب الموج، والمزايدات على حساب المعالجة التامة، وبعيدا عن أي مؤثرات نفعية انتهازية، أو نزعات وميول وتوجهات، تؤثر سلبا على النتائج، وقبل كل هذا لابد من توفر الإرادة الحقيقية الصادقة لمعالجة الأزمة بالطرق الصحيحة الناجعة، وبخلاف ذلك سوف لا يتم التوصل إلى الحلول الناجعة، وستبقى المشكلة قائمة، بل وتتفاقم وتنمو، وربما تفرز مشاكل أخرى وتداعيات اخطر، ونقع في دوامة من المشاكل والأزمات لانهاية لها.
داعش من اخطر واعقد المشاكل والأزمات (بل أُمها) التي ظهرت على المشهد الدولي، والجبهة التي تدعي محاربة داعش لم تستطع لحد الآن من القضاء على هذا التنظيم بالرغم من توفر كل الطاقات والإمكانات التي تحتاجها المواجهة العسكرية!!!، فلا يزال داعش يمارس نشاطاته الإرهابية حتى في المناطق التي لا يحتلها عسكريا بل ان اذرعه وخلاياه استطاعت ان تقوم بعمليات إجرامية في الدول التي الأكثر أمنا والأقوى على الساحة الدولية فضلا عن غيرها من الدول والمناطق، ولقد استطاع أن يصل الى أكثر المناطق قدسية عند المسلمين البلد الحرام وهذا يكشف عن عدة أمور أهمها وأخطرها عقيدة التكفير والإباحية التي يؤمن بها تنظيم داعش بحيث انه لم يتورع حتى عن الإقدام على تفجير اقدس مقدسات المسلمين بيت الله الحرام ولكن اذا عرفنا ان داعش يتبنى فكر ابن تيمية الذي اساء الى المقدس الأعلى وهو الذات الإلهية فحينئذ يزول العجب بعد ان عرف السبب فأن من يعتدى على الذات الإلهية يهون عنده من هو دونها وهذا يقودنا الى القول بأن الحل الأمثل هو المواجهة الفكرية التي يتم من خلالها ابطال فكر ابن تيمية الذي يعد المشرع الأول لكل جرائم داعش لأنهم يتخذون من بن تيمية مرجعا وإماما فداعش هو فكرٌ قبل أن يُترجَم إلى مفخخات وأحزمة ناسفة وانتحاريين، نعم انه فكر ابن تيمية الذي يؤمن به الملايين من المغرر بهم ومن بينهم مواطني الدول الأوربية الذين ينعمون بحياة افضل من غيرهم وهذه نقطة يجب التوقف عندها ودراستها والبحث في الأسباب التي دفعت هؤلاء المواطنين الى اعتناق الفكر التيمي رغم انهم يعيشون حياة افضل من غيرهم ، وهل يمكن للحل العسكري من ارغام هؤلاء وغيرهم من ترك هذا الفكر التكفيري ولعل التجربة والواقع المعاش يجعل من الإجابة سهلة لأنه وكما قلنا لم تستطع الحرب الدولية من ثني داعش عن القيام بعمليات تفجيرية هنا وهناك فضلا عن القضاء عليه…..
يضاف الى ذلك فإن المواجهة الفكرية اقل مؤنة من المواجهة العسكرية، وأقل خسائراً، سواء كانت مادية او معنوية، فالمواجهات الفكرية باتت ضرورة ملحة،، وهي لا تكلف بارجات وطائرات وصواريخ وأرواح وجنود و….،ولا هم يحزون، خصوصا وأننا نعيش المواجهة الفكرية المطروحة في الساحة للتصدي الى الفكر التكفيري التيمي الذي يتغذى عليه داعش حيث استطاعت ان تنسف المنظومة الفكرية التكفيرية التيمية الداعشية وتجعلها قاعا صفصفا…،
ومن هنا فان المسؤلية الشرعية والأخلاقية والإنسانية تفرض على من يريد خلاص الإنسانية من غدد الفكر التكفيري التيمي الداعشي الوقوف في خندق المواجهة الفكرية وتقديم كل مقومات الدعم عبر ايصال الصوت المعتدل الحيادي الموضوعي إلى مَن غرر بهم الفكر التيمي الداعشي، وتسخير كل وسائل الإعلام المرئي والمطبوع والمسموع وغيرها من الوسائل التي لا تكلف عشر معشار ما تكلفه المواجهة العسكرية التي طال بها الأمد، والتي يذهب ضحيتها الآلاف من الأبرياء، لأن المواجهة العسكرية وحدها لا تكفي (كما هو الثابت) ما دام الفكر التكفيري موجودا ويتبناه الملايين سواء كان على مستوى النظرية، او التطبيق، اوالتجنيد، ولأن المواجهة العسكرية تقتل الدواعش المُجندين والبارزين الظاهرين في سوح القتال، أما الخلايا النائمة التي تعتنق الفكر التيمي الداعشي فلا يمكن القضاء عليها من دون المواجهة الفكرية وكما يقول احد المحققين:هذه هي حقيقة الأمر فلا خلاص للإسلام والمسلمين ولا ‏للإنسان والإنسانية في الشرق والغرب إلّا باستئصال هذا الفكر التكفيري الداعشي لابن تيمية ‏المارق القاتل الإرهابي ولأمثاله في باقي الديانات؛ المنتسبة إلى المسيحية أو اليهودية أو ‏البوذية أو غيرها…،،فهل يلتفت الراغبون في زوال داعش الى هذه الحقيقة؟!! .