تعمل جميع البلدان على توظيف امكاناتها المادية والبشرية في خدمة مجتمعاتها وحل مشكلاتها، ولاسيما في الظروف الاستثنائية اذ يجري حشدها من مختلف القطاعات في سبيل الهدف المحدد ولمواجهة الحالة الطارئة او لتجاوز تخلف وتأخر في ميدان من الميادين ومن من دون المرور بالاجراءات الروتينية والمحددات البيروقراطية والاندماج في الحالة الوطنية لتحقيق الانجاز الاقتصادي والاجتماعي ، وذلك بالاستثمار الامثل للطاقات بانواعها بدلا من بقائها معطلة ومخزنة لا فائدة منها.
في هذا المجال لاحظنا كيف ان الوزارات بعد تحرير بعض المناطق استنفرت الياتها واسهمت في ازالة مخلفات الحرب ضد داعش الارهابي واعادة البناء وتأهيل البنية التحتية وبعض المشاريع الخربة باقل الكلف ووفرت للدولة مبالغ كبيرة .
الاسبوع الماضي ، تناخت بعض المؤسسات والشركات في البصرة لاصلاح وصيانة السدة التي تحتجز مياه البزل القادمة من ايران. فقد أعلنت قيادة عمليات البصرة انها شاركت في صيانة جزء من سدة ترابية حدودية متداعية تحتجز كميات هائلة من مياه البزل شديدة الملوحة، فيما خصص مجلس المحافظة 50 مليون دينار لتمويل المشروع.
وذكرت قيادة العمليات في بيان لها أن “جهوداً كبيرة تبذلها القيادة لصيانة السدة الترابية الحدودية، وقد تمكنت الملاكات الهندسية لغاية الآن من تأهيل جزء من السدة يمتد بطول أكثر من 4 كم، وبذلك رفع خطر تسرب مياه البزل المالحة عن منفذ الشلامجة الحدودي وبعض المواقع النفطية”، مبينة أن “الاحساس المشترك بالمسؤولية وتضافر جهود مؤسسات الدولة والقوات الأمنية في البصرة حال من دون انهيار السدة”.
كما أعلنت شركة نفط البصرة مباشرتها بتمتين السدة باستخدام آلياتها الانشائية، كما أعلنت مؤسسات حكومية أخرى مشاركتها في المشروع، منها مديرية البلدية.
هذا الساتر الممتد على الشريط الحدودي بطول أكثر من 80 كم معرض للانهيار في أية لحظة بسبب تآكل أكتافه نتيجة ارتفاع منسوب المياه ، وهناك قلق من احتمال تسرب تلك المياه الى شط العرب والأراضي القريبة، مما يؤدي الى تلوث كبير. ولا يمكن منع المخاطر لولا هذا الجهد الذي بذلته العمليات والشركات الاخرى ، فالمحافظة والجهات المسؤولة المعنية لا تملك الموارد لمعالجة المشكلة التي تهدد بكارثة بيئة واقتصادية .
المهم في الموضوع ان الكثير من الشركات والدوائر لديها اليات كثيرة ومعدات ثقيلة تحتاجها لفترة محدودة وتبقى لاشهر مركونة في المرائب او بالعراء لا تستغل في هدر اقتصادي فاضح من اندثار للآلية ورواتب العاملين عليها ، ولكن لو وجد التخطيط السليم والتعاون مابين المؤسسات والشركات للتشغيل المجدي والاستثمار لهذه الوسائل لما تركت أي من هذه المعدات بدون عمل ،فيمكن اعارتها الى الجهات التي تحتاجها من قطاع الدولة في حالة تنفيذ المشاريع المستعجلة والاستثنائية سواء كان ذلك مقابل مردود مادي ام مجانا.
الواقع ان هناك الكثير من المشاريع والمشكلات يمكن حلها وانجازها بمثل هذه المبادرات التي تبدو صغيرة ولكنها ذات مردودات اقتصادية لكلا الطرفين وموفرة للوقت والجهد، ولاسيما ان الخراب في بعض المناطق واسع وشامل الى درجة كبيرة لا تنفع معه الحلول الاعتيادية وتقتضي الضرورة الانجازية ان نتوجه صوب الحلول السريعة.