23 ديسمبر، 2024 2:03 م

استنساخ الأزمات !!

استنساخ الأزمات !!

تستحوذ على أولويات الكثير من المهتمين بتطورات الشأن العراقي، من ابناء الوطن وغيرهم، تستحوذ عليهم ، هذه الأيام، أزمة تفسير قديمة جديدة، تدفع الى الواجهة ” تحذيرات ما أنزل الله بها من سلطان”، من تفاقم الطائفية في العراق، بسببب تطورات الأزمة السورية وغيرها، وكأنهم يريدون التأكيد على أن العراقيين يتاثرون ولا يؤثرون، وهو منطق يجافي حدود الله في شيم العراقيين، الذين لم يتوسدوا يوما غير أخوة حقيقية، حاول الاحتلال وغيره قلب موازينها ولم يفلحوا، حتى ولو لعبت الطائفية السياسية دورا مؤلما في هذا الميدان.
والأمر المثير للقلق هو قدرة البعض على تغيير جلودهم مع الفصول والمناخات المأزومة، بحيث يتوهمون مواقفا ويحاولون اقناع البعض بها، مستفيدين من قصر نظر فئة محدودة، لم تنجح في اصعب الظروف من تحويل عباس الى خنجر في ظهر عمر أو سلمان، مثلما لم تقطع شراييين التواصل بين مدن العراق، التي ما زالت على حالها، ومجرد سفرة سريعة الى الناصرية أو كربلاء والكوت، مرورا ببغداد، بيت الأمان، وصولا الى الموصل وأربيل دون اغفال ديالى أو كركوك، وكل ارض العراق الطاهرة، نقول أن زيارة أي محافظة عراقية دون سابق تفكير، تؤكد أن أخوة العراقيين بخير.
سيقول لنا بعضهم أننا ننحت في صخر من الوهم، أو نحاول تجميل الأمور وغير ذلك من مواقف وردود أفعال جاهزة، مثلما قد يتهمنا البعض بالالتفاف على الحقيقة، أو مجاملة فريق على أخر، لكننا نجد غير ذلك في كل ما ينشر أو يسرب من وجهات نظر لا تتمعن بجذور عراقية أبناء الرافدين، قناعة منا بأن مجرد تذكير العراقيين أو تحفيزهم على تخندقات عرقية أو طائفية هي جريمة لا تغتفر، وأن الأولى بمن يحب العراق وأهله أن يعزز في نفوسهم جذور اخوة يغار من رسوخها كثيرون.
 ان تحميل فئة دون غيرها مسؤولية تردي الأوضاع في العراق، هو ذر لرماد فتنة ملعونة، فالعراق ليس ضيعة لأحد، وشعبه يتقاسم كل مفردات الحياة المتجانسة، وليس هناك من حكمة أقوى من ارادة العزيز القدير في توزيع ابناء العراق على خارطة عشائرية وجغرافية متجانسة، ظلت ركائزها عصية على كل أجندات الغرباء، سواء من ابناء وطن لبسوا غير ثوب العراق بالصدفة، أو حسابات لؤم اساسها الغيرة المتجذرة من عظمة هذا الشعب عبر التاريخ.
نحن لا نخفي وجود لهب تحت رماد متراكم لعبت سياسة الفشل دورا محوريا في تجميعه وتفريقه، حسب الحاجة، مثلما نؤكد وجود خلل في فهم الأولويات لذى أغلب السياسيين والمرجعيات ، لكننا في المقابل نجد ظلما واضحا في النظر الى مستقبل العراق واهله من ثقب باب الانغلاق العرقي والطائفي ومغريات السلطة، وكأن العراقيين ولدوا من رحم أزمات الغرباء، فيما الصحيح غير ذلك تماما، نحن شعب متأخي جيدا بدليل أن كل مغريات الفتنة ولت مدبرة، وأن عقلاء العراق، وهم الأغلبية المطلقة، يرفضون هيمنة الطائفة والحزب والشخص، قناعة منهم بأن فكرة الأغلبية والأقلية لا تبني وطنا يتسع لجميع ابنائه، وهو ما يفسر ردود الأفعال الرافضة للتقسيم وجغرافية التأثيروسلوكيات الابتزاز السياسي.
العراقيون مازالوا أخوة وسيبقون كذلك، ولن يتحولوا الى أعداء فيما بينهم، فلطاما وحدت بين صفوفهم مواقف التصدي للتفرد على مختلف المستويات،وهم دعاة حق في أحلك الظروف، لذلك ترتفع اصوات الرفض اليومي لاخفاقات السياسيين،على أسس الانتصار للعراق قبل اي شيء، فارحموا هذا الشعب، ولا يتحول التباكي عليه بلا دموع صادقة الى خنجر اضافي في ظهر أخوة أبنائه، ارحموا من في الأرض، ايها السادة، اذا طمعتم  برحمة السماء!! والعبرة بخواتم الأمور لا بافتعال الأزمات!!
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]