22 ديسمبر، 2024 2:00 م

استقرار الخليج الركن الاخير في البناء العربي المتداعي ، ودعوات علاوي للحوار العربي والاقليمي

استقرار الخليج الركن الاخير في البناء العربي المتداعي ، ودعوات علاوي للحوار العربي والاقليمي

التعدديات الدينية والمذهبية والثقافية والعرقية ظواهر مألوفة في المجتمع العربي قبل ظهور الاسلام الذي عزز قيم التعايش والتسامح في الدولة الجديدة ، دولة المسلمين التي امتدت من الاندلس الى الصين ، فذلك التنوع ظل مصدر قوة وثراء للمجتمع الاسلامي قبل ظهور الاستعمار الحديث ومناهجه العلمية في توظيف الاختلاف بالضد من استقرار المجتمعات ،وفي تأجيج نزعات التعصب القومي والمذهبي .
قيام الثورة في ايران عام ١٩٧٩ اعاد الاحتقان القومي والمذهبي داخل العالم الاسلامي ، فدعواتها الى التغيير على اسس دينية ، وباستخدام كافة الوسائل بما فيها القوة ، أثمرت حرب الثماني سنوات بين العراق وايران والتي أثارت المشاعر القومية بين العرب والفرس من جهة ، وحقنت الاجيال الجديدة بجرعات من التمييز الطائفي من جهة اخرى ، ورغم إنهاء النظامين العراقي والايراني لحربهما المدمرة بعد تهديدها لسلطتيهما ، وتمكنهما من تطبيع العلاقات بين الدولتين خلال فترة قياسية والذي يؤكد الخلفية السياسية للصراع الديني والمذهبي ، الا ان تداعيات تلك الحرب في العالمين العربي والاسلامي ، اخفت نار الفتنة تحت الرماد ، فقد ادى احتلال العراق وتعاظم النفوذ الايراني الى النفخ فيها واستعارها بشكل مخيف ، فيما منحت المعطيات العلمية والتكنولوجية ، والعولمة ، وثورة الاتصالات ، والانفتاح، الصراع الطائفي السني – الشيعي ادوات لم يكن يتوافر عليها من قبل ، وانتقلت به الى انماط مختلفة من العنف والتشدد وظهور الجماعات الارهابية والميليشيات المسلحة واساليب القتل والتخريب .
استمرار الصراع الطائفي داخل العالم العربي الاسلامي بخلفياته السياسية ، لفترة طويلة تخللتها تحولات سياسية كبرى كاحداث ماسمي بالربيع العربي ، جلب تدخلات خارجية كثيرة وغَيَّر اللاعبين وقواعد الصراع ، وولد انماطا خطيرة من النزاعات ذات طابع وجودي ، مثلما حصل بين قطر وباقي دول مجلس التعاون الخليجي ومايمكن ان يستتبعه من محاور واستقطابات تجر المنطقة الى التفكك والحروب بلحاظ حساسية تلك المنطقة ؛ برمزيتها الدينية للمسلمين ، وبامكاناتها الاقتصادية الهائلة ، وبمبررات التدخل الخارجي فيها كمورد اساسي للطاقة في العالم .
الصيحة الاخيرة التي اطلقها الدكتور اياد علاوي على خلفية التوتر في العلاقات الخليجية – الخليجية والخليجية – العربية تنطلق من الادراك بان استقرار الخليج هو الركن الاخير في البناء العربي المتداعي قبل انهيار السقف على رؤوس الجميع ، ونداء علاوي الى الحوار السريع الخليجي والعربي يتكامل مع دعواته المتواصلة لعقد مؤتمر امن اقليمي يضع المرتكزات لاستقرار المنطقة والتعاون بين بلدانها وازدهار شعوبها على اسس من الاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتبادل المصالح وتوازنها.